المكتري أحق بسكنى الدار, فإن انقضت مدة الإجارة على السلامة فقد استولى المستأجر حقه, وإن تلف المستأجر قبل مضي المدة فقط انفسخ عقد الإجارة ويرجع على المفلس بحصة ما بقي من المدة, فإن كان ماله باقيًا بعينه أخذ مقدار حقه, وإن كان تالفًا نظر, فإن لم يكن فرق الحاكم ماله بين الغرماء كان أسوة الغرماء في دينه وينقص القسمة؛ لأن هذا الدين مستحق بمعنى مقتدم على الحجز, ولهذا قلنا: إنه يكون أسوة لهم قبل قسمة المال.
والثاني: يقدمون عليه لأن الدين ثبت بعد الحجر, كما إذا استدان بعد الحجر فإن فضل عنهم شيء يدفع إليه, وإن أراد الغرماء بيع رقبة الدار قبل مضي مدة الإجارة, فإن باعوهما من المستأجر صح البيع قولًا واحدًا؛ لأنه ليس له دونه يد هائلة, وإن ق 317 أ باعوها من غيره فهل يجوز؟ قولان:
أحدهما: يجوز. قال المزني: هذا قوله المعروف والآخر ليس بشيء, ووجهه أن يبيع المزوجة جائز, وإن كان الاستمتاع مستحقًا بالعقد فكذلك المؤاجر.
والثاني: لا يجوز بيعها لأنها مسلوبة المنفعة مدة, فأشبه إذا قال: بعتكها على أن يكون لي منافعها إلى سنة, وإذا قلنا: يجوز فإن اتفقوا على بيعها جاز, وإن اختلفوا قدمنا من طلب البيع؛ لأنه أصلح للمفلس والغرماء, ولا يلزمهم تأخير حقوقهم فيملك المشتري رقبتها والمكتري منفعتها, فإذا انقضت المدة أخذها المشتري على الإطلاق, والأولى لهم الصبر حتى تنقضي مدة الإجارة لأنها تباع بأكثر إذا لم تكن منفعتها مستحقة للغير.
مسألة
قَالَ: "وَلَوْ أَكْرَاهُ سَنَةً وَلَمْ يَقْبِض الكَرَاءَ ثُمَّ فَلَّسَ المُكْتَرِي".
فإن كان بعد مضي المدة ضرب بالأجرة مع الغرماء, وإن كان قبل مضي المدة كان له فسخ الإجارة واسترجاع المنفعة, وقد ذكرنا هذا فيما قبل.
فرع
قَالَ في "الأم": ولو اكترى رجلًا ليحمل له طعامًا إلى بلد من البلدان فحمله وفلس المكتري ضرب المكتري بأجرته مع الغرماء, ولو أفلس قبل أن يصل إلى البلد نظر, فإن كان الموضع الذي بلغ إليه آمنًا كان له فسخ الإجارة فيما بقي من المسافة ويضع الطعام ق 317 ب عند الحاكم, وإن تركه على يد عدل ثقة بغير إذن الحاكم فيه وجهان كما قلنا في الوديعة إذا أراد المودع سفرًا, وإن كان الموضع مخوفًا لزمه حمل الطعام إلى الموضع الذي اكتراه لحمله إليه أو إلى موضع دونه يأمن عليه.