عنده، فإن اتفقوا على واحد نظر الحاكم فيه، فإن كان عدلًا أمضاه، وإن كان فاسقًا رده. فإن قيل: أليس المتراهنان إذا وضعا الرهن على يد الفاسق لم يكن للحاكم فيه اعتراض، وهنا قلتم: الحاكم يرده إذا كان فاسقًا. قلنا: الفرق أن الحق هناك لا يتعدى عن المتراهنين، وهنا ربما يظهر غريم آخر فيحتاج الحاكم أن يختلط فيه، ولأن الحجر بحكم الحاكم كان ما يتعلق به من أحكام إلى اجتهاد الحاكم.
وإن اختلفوا فقال الغرماء: نضعه على يد فلانٍ وقال المفلس على يد غيره، فإن كان أحدهما عدلًا دون الآخر فالعدل أولى به، وكذلك إن كان أحدهما بأجرةٍ والآخر بغير إجرة، فالذي لا يطلب الأجرة أولى. وإن استويا في العدالة وترك الأجرة وطلبها، قال في "الأم": "يضم أحدهما إلى الآخر".
ومن أصحابنا من قال: يجتهد الحاكم في أعدلهما وأصلحهما، وإن لم يرجع الحاكم إلى المفلس والغرماء في المنادي والعدل وتولى بنفسه دون أمرهم جاز، ثم قال الشافعي: "وَلَا يَقْبَلُ إِلًا ثِقَةٍ".
وفي بعض النسخ:
"وَلَا يَقْبَلُ إِلًا مِنْ ثِقَةٍ".
وأراد بالأول المنادي. والعدل ينبغي أن ق 320 ب يكون ثقة على ما ذكرنا. وقوله:
"إِلًا مِنْ ثِقَةٍ".
معناه من يزيد في الثمن عند النداء فلا تقبل تلك الزيادة إلا من ثقة، لأنه يزيد ويقصد الفساد على الغير. ورأيت في بعض النسخ:
"وَلَا تُقْبَلُ الزيَادَةَ إلَّا مِنْ ثِقَةٍ".
ثم ينظر فإن وجد مناديًا يعمل بغير أجرٍة لم يجز أن يعطي عليه الأجرة، لأن فيه تضييع ماله، وإن لم يجد إلا بأجرة يجب أن يدفع الأجرة من بيت المال؛ لأن بيع مال المفلس وحفظه يتعلق بمصالح الناس دون الغرماء، ويأمرهم أن يشارطوه على مقدار معلوم، فإن لم يشارطوه أعطى أجرة المثل، وإن لم ينازعوا في الأجرة اجتهد الحاكم فيها واكترى على ما يراه من ماله. فإن قال قائل: لم قال الشافعي:
وَأَحَب? أَنْ يُرْزَقَ مِنْ وَلِي هَذَا مِن بَيْتِ المَالِ" ولم يذكر المشارطة لتقدير الرزق. ثم قال:
"فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلَمْ يَعْمَلْ إِلا? بِجُعْلٍ شَارَطُوهُ".
وأمر بالمشارطة وتقدير الأجرة إذا كانت العمالة في مال المفلس؟ قلنا: وإن لم