وإن قال: صدق في ذلك سلمناه إليه وليس للغرماء أخذه ولا لهم تحليفه, لأنه أقر به للحاضر ولا فائدة لعرض اليمين عليه, ولو رجع لا يقبل رجوعه.
ومن أصحابنا من قال: يحلف المفلس لأنه يحتمل أنه كاذب في إقراره, فإن نكل عن اليمين حبس حتى يسلم المال أو يحلف, وهذا ضعيف, والأول أصح وبه قال أبو حنيفة وجماعة, وإن كان المقر له غائبًا فالقول قوله مع يمينه ولم يحبس, وإن نكل عن اليمين, قال أبو إسحاق: قال الشافعي: "حبس" قال أبو إسحاق: إنما حبسه ق 336 ب لأن الظاهر أن الذي في يده له فحبسه لذلك لا لأجل النكول, وإنما حبسه إلى أن يقدم الغائب ويستكشف أمره, ويخالف هذا إذا أقر به لحاضر فصدقه لأنه لا معنى لعرض اليمين عليه مع إقراره ولا يحلف فيه, وإن طلبوا يمين المقر له؟
قال أصحابنا: يحلف لأنه لو كذب المقر له ثبت المال لهم, فإن صدقه حلف فإن قال قائل: لم قال الشافعي: "فمتى استقر عند الحاكم ما وصفت لم يكن له حبسه ولا يغفل المسألة عنه".
أي يداوم على المسألة والبحث والقاضي ممنوع عن تجسيس الخصومات والمسألة عنها من غير استدعاء, قلنا: أراد استدعاه الغرماء استئناف المسألة وتجديدها وإلا فلا يكون له التعرض والتجسس.
مسألة:
قال: "وإذا أراد الذي عليه الدين إلى أجل السفر".
الفصل:
وهذا كما قال: إذا كان عليه دين فأراد السفر لا يخلو الدين من أحد أمرين: إما أن يكون حالًا أو مؤجلًا, فإن كان حالًا لصاحب الدين منعه حتى يقضي دينه, وإن كان مؤجلًا ليس له منعه سواء كانت مدة السفر أبعد من أجل الدين أو أقرب منه, وليس له مطالبته بوثيقة من رهن أو كفيل.
وحكي أصحابنا عن مالك أن له منعه حتى يقيم كفيلًا بالحق؛ لأن عليه ضررًا في آخر حقه, وهذا ق 337 أ غلط؛ لأن صاحب الدين المؤجل كالأجنبي لأنه لا يملك مطالبته بوجه والأجنبي لا يمنعه من السفر كذلك هذا, وأما الضرر فإنما لحقه بتأجيله الحق ورضاه بغير كفيل فلم يكن له تداركه بعد ذلك, وهذا إذا كان الغالب من سفره السلامة, فأما إذا كان مخوفًا كسفر الجهاد والسفر في البحر الذي يكون الغالب منه التلف.
اختلف أصحابنا فيه فقال أبو إسحاق: لا فرق وهو المذهب؛ لأن الأصل السلامة وقد قال الشافعي رحمة الله عليه؛ لأنه ترك التحفظ حين وجوب الدين له وهو عام في كل سفر.