إلى تخييره لأن المال لم يكن معه فيعلم كيف حفظه وتدبيره فيه فاحتجنا أن نختبره.
قال الشافعي رحمة الله عليه:
"يختلف ذلك باختلاف حال المختبر".
وفيه فصلان:
أحدهما: في وقت الاختبار, واختلف أصحابنا فيه, فمنهم من قال: يختبر بعد البلوغ لأنه لا يصح التصرف قبله, ومن أصحابنا من قال: يختبر قبل البلوغ لئلا يتأخر دفع المال إليه عن البلوغ, فمن أصحابنا من قال: يختبر بعد البلوغ, قال: يدفع إليه بعد مال حتى ق 343 ب يبيع ويشتري فإن حسن تدبيره, وحفظه ولم يعين فيه بما يتغابن بمثله دفع إليه الباقي, وإذا غبن فيه بما لا يتغابن بمثله ولم يحسن تدبيره لم يفك الحجر عنه ولا ضمان على الولي فيما يبلغه في هذه الحالة وظاهر مذهب الشافعي أنه يحكم بصحة هذا العقد.
ومن أصحابنا من قال: يحكم بفساده وإنما يصح ما بعد ذلك, ومن قال: يختبر قبل البلوغ احتج بقوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} النساء:6 وهذا يقتضي الاختبار قبل البلوغ, ثم اختلفوا فمن أصحابنا من قال: يأمره الحاكم بالمساومة وتقدير السعر, ثم يعقد الولي البيع أو يشتري الولي سلعة في السر من الغير ولا ينقد الثمن ولا يقبض المبيع, ثم يأمره أن يمضي ويشتريها ويقبض ثمنها ويقبضها ويواطيء البائع على ذلك فيختبره.
ومن أصحابنا من قال: يمضي الواقعة حتى يساوم الصبي وبقدر السعر, فإذا أوجب البائع البيع أذن للصبي في قبوله, ويصح هذا العقد ها هنا للضرورة وهذا ضعيف.
والفصل الثاني: في كيفية الاختبار, فإن كان ذكرًا لا يخلو من أحد أمرين, إما أن يكون مما لا يصان عن دخول السوق ومخالطة الناس فاختباره سهل بأن يدفع إليه بعض ماله ويختبر تصرفه فيه وحفظه له, وإن كان مما يصان عن الأسواق فإنه يدفع إليه مقدر نفقة شهر, ويأمر بالإنفاق على نفسه وسائر مصالحه على يد وكيله وينظر رشده فيه ق 344 أ في الضبط والحساب, أو اختبره بأمر المزارعة والنظر في أمور الصناع ويحتاج إلى الاختبار دفعتين أو ثلاثة ولا يقتصر على مرة واحدة, لأنه ربما ينفق أول مرة إنفاقًا عن بصيرة, وإن كان أنثى, فإن اختبارها أصعب لأنها عورة فاختبارها أن يدفع إليها بعض مالها للنفقة وما يتعلق بمصلحتها من الغزل والقطن, ويراعيها النساء الثقات وذو المحارم, ولا يفتقر الاختبار إلى نظر الحاكم فإن الأب أو الجد لو اختبره جاز, ثم إذا اختبر ووجد رشيدًا هل ينفك الحجر من حكم الحاكم؟ ذكرنا وجهين واختار ابن أبي هريرة أنه يحتاج إليه لأنه يتعلق بالاختبار والنظر فيتعلق بالحكم, والصحيح الظاهر من المذهب أنه لا يحتاج إلى حكم الحاكم في ابتدائه فكذلك في فكه, وقال الصميري: إذا كان الولي أبًا يرتفع ببلوغه ورشده, وإن كان أمين الحاكم لا يرتفع إلا بحكمه, وإن كان وصي أبيه فيه وجهان:
وقال أبو حنيفة, ومالك: إذا كان مصلحًا لماله دفع إليه ماله, وإن كان مفسدًا لدينه