جاز لها ذلك, فإن قلنا: لا يجوز فقد أجزت أن يحال بين البالغ العاقل الصحيح وبين ماله, وإن قلت: يجوز فسبيلها على مالها, والدليل على هذا أنها رشيدة فيدفع إليها مالها كما لو تزوجت وطال الزمان, أو من دفع ماله إليه عند رشده لم يقف نفوذ تصرفه على إذن الغير كالغلام, واحتج بأن حق الزوج بتعلق لمالها بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: " تنكح المرأة لدينها وجمالها ومالها " والعادة أن يتبسط في مالها وينتفع بجهازها فكان له منعها من هبة جميع مالها, قلنا: والمرأة ترغب في نكاح الرجل لماله أيضًا ولا تعترض عليه في تصرفه.
واحتج بما روى عمرو بن شعيب, عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يجوز للمرأة عطية في مالها إذا ملك زوجها عصمتها ", وروي: " لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها ", قلنا: أراد على طريق الأدب والاحتياط, وإذا كان زوجها وليًا لمالها, وقد قال الشافعي: أعتقت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنها قبل أن يعلم النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعب ذلك عليها.
مسألة:
قال ق 345 ب المزني - رحمه الله- واحتج الشافعي -رحمه الله عليه بعثمان وعلى والزبير رضي الله عنهم.
الفصل:
وهذا كما قال, إذا دفع ماله إليه, ثم صار مبذرًا أعيد الحجر عليه والتبذير عندنا في المعاصي, فأما الإنفاق في الثياب الفاخرة والطيب والمأكول ودعوات أهل الصلاح فليس من التبذير ولا يحجر عليه به, وإذا صار لا يعرف حظه من التجارة ويغبن فيها بما لا يتغابن الناس بمثله أعيد عليه الحجر.
ومن أصحابنا من قال: إذا كان تبذيره بالإنفاق في ملاذه والإسراف في ملبوسه وشهواته حتى يتجاوز فيه الحد المألوف والقدر المعروف هل يجب الحجر عليه وجهان:
أحدهما: يجب الحجر لأنه إنفاق في غير الحق.
والثاني: لا يجب لأنه إنفاق في المباح, ولو لم يبذر ولم يغبن في التجارة إلا أنه صار فاسقًا هل يعاد الحجر عليه؟
قال ابن سريج: يعاد إليه كما يعاد بالتبذير ولكل معنى لو قارن البلوغ استديم الحجر عليه, فإذا طرأ بعد زواله أوجب إعادة الحجر عليه كالجنون وهذا أقيس.
وقال أبو إسحاق: لا يعاد عليه, وهذا ظاهر المذهب, لأن الشافعي قال: "إذا حجر عليه لسفهه وتبذير ماله أشهد عليه" وهذا لأن الحجر لحفظ المال والفسق في الدين يورث