أحدهما: يرجع عليه لإذنه فيه.
والثاني: لا يرجع عليه لأن أمره بالأداء يحتمل أن يكون لمعني التطوع به ويحتمل أن يكون لمعني الرجوع عليه فلم يكن الإذن صريحاً في الرجوع به.
فصل
وإن كانت الدعوى عيناً قائمة فلا يخلو حال المصالح عنها من أحد أمرين:
إما أن يصالح عنها لنفسه.
أو يصالح عنها للمدعي عليه.
فإن صالح عنها للمدعي عليه فلا يخلو أما أن يصالح عنه بإذنه أو بغير إذنه فإن صالح عنه بإذنه جاز وهل يحتاج للوكيل في الصلح إلي الإقرار بها عنده؟ علي وجهين:
احدهما: لا يصح الصلح عنه بمجرد إذنه للوكيل حتى يقر بها عنده للمدعي ثم يقر الوكيل بذلك عند المدعي عند صلحه.
الثاني: وهو أصح ان الصلح يصح بإذنه للوكيل ولا يحتاج إلي إقراره عند الوكيل لأنه وكليه في الصلح نائب عنه، فإقراره عنده كإقراره عند نفسه. وإنما يقر الوكيل عنه علي ما ذكرنا من قبل، ويزيد فيه أن فلاناً وكلني في الصلح عنه.
فإن لم يذكر ذلك فهو علي ما نذكره من اختلاف الوجهين هل يكون إذنه شرطاً في صحة الصلح أم لا؟ فأما إذا صلح عنه بغير إذنه ففيه لا صحابنا وجهان:
أحدهما: وهو قول أبي العباس بن سريج وأبي علي الطبري وأبي حامد، أن الصلح جائز لأنه لما جاز أن يصالح عما في الذمة بغير إذنه جاز أن يصالح عن العين القائمة بغير إذنه.
الثاني: وهو قول أبي الطيب بن سلمة وأبو سعيد الاصطخرى أن الصلح باطل ما لم يكن من المدعي عليه إذن فيه؛ لأن في هذا النوع من الصلح تمليك عين فلم يصح بغير إذن من تملكها كمن اشترى لغيره شيئاً بغيره أمره. وبهذا المعني فارق ما في الذمة لان طريقه الإبراء ويصح من الإنسان أن يبرئ غيره بغير أمره وإذنه.
فصل
فأما إذا صالح عنها لنفسه فهذا في حكم من اشتري شيئاً مغصوبا فيحتاج أن يعترف للمدعي بالملك ويقر بأنه قادر علي انتزاع ذلك من يد المدعي عليه فيصح هذا ويكن بيعاً محضاً، فإن انتزع ذلك من يده برئ المدعي من ضمان العقد، وإن عاد فذكر أنه ليس يقدر علي انتزاعها من يده، فالقول قول مع يمينه إذا كذبه المدعي وله الرجوع بالعوض الذي بذله.
فصل
إذا أوقف رجل داراً بيده ثم ادعاها مدع فأقر له بها كان إقراره مردوداً لخروجها عن