أن يمسح سواء كان قد مسح أو لم يمسح، وبه قال مالك، والثوري، وأبو حنيفة، وقال الحسن: ابتداؤه من وقت لباس الخفين، وقال الأوزاعي، وأحمد، وأبو ثور، وداود يعتبر ابتداء المدة من وقت المسح هو الحدث.
وحكي القفال، عن أبي ثور أنه قال: الاعتبار بخمس صلوات، فلو قضي المقيم خمس صلوات في مكان واحد انقضى حكمه، وإن صلاها في أوقاتها، فإذا صلى آخر الصلوات انقطع حكم المسح.
واحتجوا بما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يمسح المسافر ثلاثة أيام" فلو اعتبر من وقت الحدث لم يمكنه أن يستوعب هذه المدة بالمسح، ولأن الاعتبار في 240 أ/1 اختلاف المدة بالسفر والحضر. يفعل المسح لا بالحدث، لأنه لو مسح في الحضر، ثم سافر فإنه لا يمسح إلا مسح المقيم، ولو أحدث في الحضر، ثم سافر قبل أن يمسح له أن يمسح ثلاثة أيام، فكذلك اعتبار المدة بالمسح، وهذا غلط، لأن الله تعالى أمر بغسل الرجل، فظاهره أن غسل الرجل واجب بكل حال قام الدليل على جواز المسح من وقت الحدث، وما بعد ذلك على الظاهر، وروي القاسم ابن زكريا المطرز في حديث صفوان بن عسال من الحدث إلى الحدث لأن العبادة يدخل وقتها بالزمان وبمضي الوقت، فإن لم يكن منه فعل العبادة ألا ترى أن في الجمعة جوز الاقتصاد على ركعتين في وقتها، ولو ذهب الوقت زال هذا الحكم كذلك ههنا، ولأن بعد الحدث زمانًا يستباح فيه المسح فكان من وقته كبعد المسح.
وأما الخبر الذي ذكر، وقلنا لم يرد به أنه يستعمل المسح طول هذه المدة؛ لأن بين المستحين مدة محسوبة بالإجماع، كذا قبل المسح الأول.
وأما الدليل الآخر قلنا: لا يمتنع الفرق كما لو شرع في الصلاة ثم جرت السفينة إلى السفر صلى صلاة الحضر، ولو سافر بعد دخول وقت الصلاة ثم افتتح الصلاة صلى صلاة المسافر، ثم إن دخول الوقت بالزمان لا بالفعل كذلك ها هنا.
وأما قول أبي ثور 240 ب/1 وينسب إلى داود فباطل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر المدة ولم يذكر الصلوات. فإذا تقرر هذا، فالمقيم يصلي بطهارة المسح خمس صلوات في العادة، لأنه إذا أحدث مع الزوال، ثم مسح صلى الخمس، فإذا جاء وقت الزوال من غده انتهت المدة، وقد يصلي ستًا بأن يكون وقت الحدث عبد الزوال بساعة ثم يمسح، ويصلي الظهر والعصر والصلوات بعدها. فإذا زالت الشمس من غده له أن يصلي الظهر بطهارة المسح، لأن وقت الحدث ماجاء بعد فتكون الصلوات ستًا، وقد يكون سبعًا لعذر المطر، فإن تقدم العصر إلى وقت الظهر في اليوم الثاني فيصليهما معًا قبل وقت الحدث بالأمس، والمسافر يصلي في العادة خمس عشرة، وست عشرة من غير جمع، وعند الجميع سبع عشرة على ما فصلناه.
فرع
لو أحدث، ومسح، وصلى، ثم شك هل كان وقت الحدث مع الزوال إذا دل وقت