بإحضاره يلزمه أن يحضر معه لا من ناحيةُ الكفالةَ ولكن من ناحيةً الوكالةً فكأنه وكله بإحضاره فيلزمه أن يحضر معه، ولو لم يقل له أحضره بل قال: اخرج إلي من كفالتك فطالبه الكفيل بالحضور هل يلزمه أن يحضر معه؟ قال ابن سريج: فيه وجهان:
أحدهما: لا يلزمه لأن قوله اخرج إليّ من كفالتك معناه أعطني، ما عليك من الحق فعلى هذا له حبسه حتى يخرج إليه من كفالته ولا يلزم المكفول به قال أصحابنا: هذا يدل على فساد ما قاله لأنه يحبسه على ما لا يقدر عليه وهذا لا في الشرع.
والثاني: يلزمه الحضور معه لأن قوله هذا يتضمن الإذن له في إحضاره ومعناه التوكيل
فرع آخر
إذا تكفل ببدن صبي أو مجنون صحت الكفالة لأن الحق يجب عليهما في ذمتهما وقد يحتاج إلى إحضارهما للشهادةً عليهما بالإتلاف ثم إنما تصح الكفالةَ بهما بإذن الولي لأن إذنهما لا يصح، وإن كان من غير إذن الولي لم يجز إلا على قول ابن سريج، ثم إن كانت الكفالةً بإذن وليه فطولب بإحضاره كان للكفيل مطالبة وليه بإحضاره من حيث وجوب الحق على الصبي لا من ناحية الكفالةَ. وقال في "الحاوي": "ظاهر مذهب الشافعي رحمةُ الله عليه أنه لا يحوز وإن أمره الأب بالكفالةً لان أمر الأب 38/أ سؤال وطلب لا يتعلق عليه حكم به". وعلى قول ابن سريج يجوز ذلك.
فرع آخر
إذا جوزنا على ما قال ابن سريج تجوز الكفالة به غائبًا كان أو حاضرًا، محبوسًا كان أو مطلقًا، لأنه يمكنه تسليم المحبوس وإحضار الغائب، وإن كانت الغيبةُ منقطعةً ولا يمكنه إحضاره لا يجوز وقال أبو حنيفة: لا تجوز الوكالة ببدن المحبوس والغائب وهذا غلط لأن كل وثيقةً صحت مع الإطلاق والحضور صحت مع الغيبةً والخبر كالشهادة والضمان.
فرع آخر
لو كانت الكفالةً بإذنه فطالبه المكفول له بإحضاره يلزمه الإحضار ويلزمه الحضور معه حتى يبرئ ذمته عن الكفالةَ، وإن كان المكفول له غير مطالب برده له إحضاره وتسليمه إليه كما لو أعاره للرهن كان له مطالبةُ الراهن فكاكه كذلك هاهنا.
فرع آخر
كل موضع أجزنا الكفالةً لا يخلو من أحد أمرين إما أن تكون مطلقةً، أو مقيدةً؛ فإن كانت مطلقةً كانت حالةً وكان له المطالبة به متى شاء ولزمه تسليمه في موضع الكفالةَ.