بشركة ولا قراض ولا إجارة فإن الشركة تفتقر إلى اختلاط المالين وهذه الأموال لا تختلط، والقراض مبني على أن يأخذ العامل المال ويعمل ببدنه فإذا تفاضلا رجح رب المال بمثل رأس المال واقتسما الربح، وهذا لا يمكن ها هنا والإجارة تفتقر إلى أجرة معلومة ومدة معلومة وذلك معدوم، فثبت أنها معاملة فاسدة، فإذا ثبت فسادها فالزرع يكون لصاحب البذر لأنه عين ماله ولا أجرة له إن كان عمل شيئًا لأنه يحصل على ماله ويرجع كل واحد من الثلاثة عليه بأجرة مثل ماله فيكون لصاحب الأرض أجرة مثل أرضه، ولصاحب الفدان أجرة مثل بقرة وللأكّار أجرة مثل عمله.
والثاني: إذا اشترك أربعة من واحٍد بيت الرحى ومن الأخر الحجر ومن الآخر البغل ومن الآخر العمل على أن ما رزقه الله تعالى من فضل كان بينهم فهذه أيضا معاملة فاسدة، فإن أصابوا شيئًا جعل لكل واحد منهم أجر مثله وقم ما حصل من المسمى بينهم على قدر 52 / أ عملهم. قال أبو العباس رحمه الله: فإن استأجرها رجل فالإجارة على قسمين أحدهما: أن يستأجرها بعينها فقال: استأجرت هذا البيت، وحجر هذا، وبغل هذا وعمل هذا، جميعا ليطحنوا أكرارًا معلومة بأجرة معلومة فهل تصح الإجارة؟ على قولين كما لو تزوج أربع نسوة معا بألف هل يصح الصداق؟ قولان:
أحدهما: يصح لأن جملة الأجرة معلومة فلا يضر جهالة أبعاضها.
والثاني: لا تصح لأن عقد الواحد مع الأربعة في حكم أربعة عقود وما يحصل لكل واحد من الأجرة مجهول، فإذا قلنا: الإجارة باطلة سقط المسمى وكان لكل واحد منهم أجر مثله. وإذا قلنا: إنها صحيحة استقر لهم الأجرة المسماة ويكون لكل واحٍد منهم بحصة أجرة مثله من المسمى على ما ذكرنا، وعلى هذا خرج جواب الشافعي.
والقسم الثاني: أن يستأجرهم في ذمتهم فيقول: استأجرتكم لتطحنوا لي كذا وكذا بكذا فتصح الإجارة قولًا واحدًا لأن الإجارة معقودة على ما في الذمة فيقول وهي معلومة وما يخص كل واحٍد منهم معلوم وهو ربح الأجرة، وإذا ثبت أن الإجارة صحيحة فعملوا كان ما عملوه شركة بينهم فيجب لكل واحد منهم ربح الأجرة. وإن طحنوه في هذا الدكان فقد طحنوه في معاملة فاسدة فيتراجعون بينهم بأجر المثل. وإن عقد العقد مع واحد منهم فاستأجره ليطحن له كذا بمائة فإن نوى في حال العقد أنه يعقد العقد عن نفسه وعن شركائه أو نطق بذلك كان كما لو عقا مع الأربعة وحكمه على ما ذكرنا. وإن أطلق ولم ينو شيئًا ولا نطق به لزمه العقد في نفسه فإن طحن هو وشركاؤه كان له جميع المسمى ولكل واحد منهم عليه أجرة مثله.
والثالث: لو اشترك ثلاثة من واحد البغل ومن آخر الراوية ومن الثالث العمل على أن يستقوا الماء وما يرزق الله تعالى من فضل يكون بينهم فهذه معاملة فاسدة لما ذكرنا. فإذا استقى العامل الماء قال الشافعي في موضٍع:
"الماء له وحده" وقال في موضع: "الماء لهم بالسوية"، واختلف أصحابنا فيه على طريقين: أحدهما: أنه على