بتركه فقال: حتى أفرغ من ذلك أو كان ذلك بالليل فقال: هو في الدكان فإذا أصبحنا دفعته إليك فإنه معذور ولا يصير ضامنًا بمنعه إياه. وإن لم يكن له عذر فمنعه صار ضامنًا فإن تلف في يده وجب عليه مثله أو قيمته. فإن ادعى دفعه إليه بعد ذلك لم يقبل قوله من غير بينة، وإن منعه منه وكان قد تلف قبل المنع ولم يعلم به وثبت ذلك بالبينة هل يضمنه؟ فيه وجهان: 3 / أ.
أحدهما: لا يضمن لأنه قد تلف وهو أمانة فلا يصير مضمونًا بعد التلف إذ لم يوجد سببه الضمان عند بقائه وهو الأصح.
والثاني: يضمن وبه قال ابن سريج كالوديعة عنده يضمن باعتقاد الامتناع من الرد وهذا لأنه لما منعه مع القدرة علمنا أنه كان يمسكه لنفسه. ولو طالبه بالرد فوعده به ثم أخره مع الإمكان ثم ادعى أنه كان قد تلف قبل مطالبته أو قال: كنت رددته قبل مطالبته ونسيت لم يقبل قوله، ولو أقام البينة على ذلك هل تسمع بينته؟ وجهان واختيار القافي الطبري أنه لا يسمع لأن قوله يكذب بينته فإنه كان وعده بدفعه إليه.
مسألة (1): قال: ولو قال صاحبه: قد طلبته منك فمنعتني فأنت ضامن فهو مدٍع أن الأمانة تحولت مضمونة فعليه البينة وعلى المنكر اليمين.
وهذا كما قال: إذا ادعى على وكيله أنه طالبه برد المال الذي في يده وامتنع من الرد مع الإمكان وأنكر الوكيل ذلك فإن كان للموكل بينة وجب على الوكيل الضمان. وإن لم تكن له بينة فالقول قول الوكيل مع يمينه فإذا حلف كان على أمانته. وإن نكل حلف الموكل بالله تعالى: لقد طالبته به فمنعه من غير عذر وصار الوكيل ضامنًا فإن كان المال قد تلف في يده غرم ضمانه. ولو قال: طلبت مني ولكني ما تمكنت من الرد وقال الموكل: تمكنت من الرد فالقول قول الوكيل أيضًا. ولو منعه منه ثم جاء به ليوصله إليه فتلف في الطريق ضمنه لأنه لا يخرج من الضمان حتى يوصله إلى مالكه، فإن ائتمنه المالك ذلك مرة أخرى هل يصير أمانة؟ ذكرنا وجهين.
مسألة (2): قال: ولو قال: وكلتك ببيع متاعي فقبضته مني فأنكر.
الفصل
وهذا كما قال: إذا ادعى على وكيله أنه دفع إليه ثوبًا ليبيعه أو مالًا ليشتري له به ثوبًا أو قال: سلمته إليك وديعة فأنكر لا يخلو إنكاره من أحد أمرين إما أن يقول: ما قبضت منك شيئا أو يقول: ليس لك عندي شيء فإن قال: ما قبضت منك شيء فالقول قوله لأن الأمل معه. فإن قامت البينة بأنه قبضه علمنا بقيام البينة 73 /ب بكذبه وخيانته. فإذا قال بعد ذلك: تلف في يدي أو رددته عليك لم يقبل قوله لأنه قد ظهر تعديه وبطلت أمانته. فإن أقام البينة بأنه قد تلف في يده هل تقبل بينته؟ وجهان: أحدهما: لا تقبل لأنه لما أنكر القبض فقد كذب بينته فهو مقر بأن بينته كاذبة.