لا يتغابن الناس بمثله؛ لأن القدر الذي تعدى فيه هو مقدار المحاباة فلم يجب عليه إلا ضمانه ويرجع بالباقي على المشتري. وفيه قول ثالث: يضمن كل قيمته ولكن يحط عنها ما يتغابن بمثله، فإن كان درهمًا أو نصف درهم يحط ذلك القدر. فإذا قلنا: عليه تمام قيمته فغرم رجح الوكيل على المشتري لأن التلف في يده وإن رجع على المشتري لم يرجح به على الوكيل لأنه ضمن ما تلف في يده.
فرع آخر
قد ذكرنا أنه لا يبيع إلا بنقد البلد فإن كان الغالب في البلد الدراهم والدنانير على سوا، يبيع بأحظهما 79/ أ لموكله فإن استويا يتخير بينهما. ولو باع ها هنا بكلا النقدين فإن كان في عقدين صحا إذا كان مما يجوز تفريق الصفقة في بيعه. وإن كان في عقد واحد فيه وجهان:
أحدهما: يجوز كما جاز إفراد كل واحد من النقدين.
والثاني: لا يجوز لأن غالب البياعات تتناول جنسًا واحدًا من الأثمان فلم يجز أن يعدل عن غالبها في الإطلاق.
فرع آخر
لو باع بغبن يسير يجوز، والمرجع فيه إلى العرف والعادة في مثله وقال مالك: حد الغبن في البيوع الثلث فصاعدًا. وقال أبو حنيفة: حد الغبن نصف العشر فصاعدًا وهذا غلط لأن عرف الناس يختلف، فمن الأجناس ما يكون ربع العشر فيه غبنًا كثيرًا وهو النقد والطعام، ومنها ما يكون نصف العشر فيه غبنًا يسيرًا كالجوهر والرقيق فيجب الرجوع فيه إلى العرف.
فرع آخر
لو أذن له بالبيع نَساءً ولم يقدر أجلًا فمن أصحابنا من حد أكثره بحول لأن أكثر الدين المؤجل في الشرع يتقدر به كالدية والجزية. ومن أصحابنا من قال: لا يصح التوكيل أصلًا لأن الآجال تختلف فيكثر فيه الغرر. والصحيح أنه يعتبر بالعرف أن لا يصير الأجل خارجًا عن غالب العادة في ذلك الجنس، وعرف الناس في ذلك يختلف باختلاف الأجناس، فإن لم يكن عرف باع بأنفع ما يقدر عليه.
فرع آخر
لو باع بشرط الخيار فإن شرط للمشتري وله لم يصح قولًا واحدًا. وإن شرط لنفسه أو لموكله وله فيه وجهان: أحدهما: يجوز وهو الأصح لا من حيث إطلاق الوكالة ولكن من حيث أن له التصرف فيما عاد إلى حظ الموكل وهذا من حظه وتمام النظر له. والثاني: لا يجوز كما لو شرط الأجل وليس بشيء.
فرع آخر
لو باع وسلم إلى المشتري ولم يقبض الثمن فهرب المشتري أو أفلس هل على