وقال أنس رضي الله عنه: كان يسخن لرسول الله صلى الله عليه وسلم الماء في القمقم ثم يتوضأ به للصلاة.
وروي عن عمر- رضي الله عنه- أنه كان يغتسل بالماء الحميم.
وروي عن زيد بن أسلم، أنه قال: كنا نسخن لعمر بن الخطاب 22 أ/ 1- رضي الله عنه - الماء في قمقم، وكان يغتسل منه ويتوضأ.
وحكي عن أحمد أنه كان يكره الماء المسخن بالنجاسة؛ لأنه لا يؤمن حصول نجاسة فيه، وهذا غلط؛ لأن وجود النجاسة لا يوجب الكراهة كالماء في الصلاة.
مسألة: قال: "وَلَا أَكْرَهُ المَاَء المُشَمَّسَ إِلَّا مِنْ جِهَةِ الطّبّ".
الفصل
وهذا كما قال ما أخذ المزني بالنقل، لأن لفظ الشافعي: "وَلَا أَكْرَهُ المَاَء المُشَمَّس" وقد كرهه كاره من جهة الطب، فميز بين الفقه والطب، ولفظ المزني: "إِلَّا مِنْ جِهَةِ الطّبّ" يخلط أحدهما بالآخر، فإذا تقرر هذا قال أصحابنا: الماء المشمس هو على ضربين: أحدها: ما قصد بالشمس، فإن لم يقصد كماء المصانع والغدران والأنهار والبحور لا يكدره التوضئ به، لأنه لا يمكن الإحتراز منه، ولا يؤثر فيه الشمس أيضًا لكثرته، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة توضئوا من ماء الحياض بين مكة والمدينة وكان ماؤها مشمسًا وإن قصد بتشميسه في إناء أو نحوه فإنه يكره التوضئ به شرعًا خلافًا لأبي حنيفة وأحمد، فإنهما قالا: لا يكره ذلك، وهذا غلط؛ لما روى مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة- رضي الله عنها- أنها قالت: دخل علَّي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سخنت له ماءًا في الشمس فقال: "لا
تفعلي هذا يا حميراء فإنه يورث البرص".
وروى الضحاك عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من اغتسل بماء مشمس فأصابه 22 ب/ 1 وضح فلا يلومن إلا نفسه".
وروى جابر أن عمر بن الخطاب كره ذلك، وقال: إنه يورث البرص. ومن أصحابنا من قال: لا يكره كما قال أبو حنيفة؛ لأن الشافعي قال: "لَا أَكْرَهُ" ثم