كتاب الإقرارمسألة (1): قال: لا يجوزُ إلا إقرارُ بالغٍ رشيدٍ.
الفصل
وهذا كما قال: الإقرار الإثبات، يقال: أقر فلان بكذا إذا أثبته، وقرَّ الشيء واستقر في ذمته، والاعتراف مثل الإقرار. وقيل: حقيقة الإقرار الإخبار بحق عليه، وحقيقة الشهادة الإخبار بحق على غيره. والأصل في الإقرار وتعلق الحق به الحكم به في الشريعة الكتاب والسنة الإجماع.
أما الكتاب فقوله تعالى: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ ولَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ} النساء:135 وشهادة المرء على نفسه هو الإقرار. وقوله تعالى: {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} البقرة:282 أي: فليقر. وقوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ} إلى قوله: {أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا} آل عمران:81 وقوله تعالى: {فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا} وقوله تعالى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} التوبة: 102 وقوله تعالى: {بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} الأعراف: 172.
وأما السنة قوله - صلى الله عليه وسلم - في خبر العسيف " واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها" (2). واعترفت فرجمها. وروي "أن ماعز بن مالك أقر عند وسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالزنا فرجمه" (3). وروي أن الغامدية أقرت بالزنا فرجمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وأما الإجماع: لا خلاف بين المسلمين فيه 99 /ب لأن الإقرار أقوى الحجج لأنه لا يتهم على نفسه فيما يقر والشاهد يتهم في الشهادة على غيره ويكفي في الإقرار واحد، ولا يكفي أقل من شاهدين في الشهادة فإذا ثبت الحق عليه بالشهادة فلأن يثبت بالإقرار أولى. فإذا ثبت هذا فالكلام الآن فيمن يصح إقراره وفيمن لا يصح.
والناس ضربان: مكلف، وغير مكلف وأما غير المكلف فلا يصح إقراره بحالٍ وهو الصبي والمجنون وسواء كان الصبي مميزاً أو غير مميز، مأذوناً له بالإقرار أو غير مأذون له فيه، وسواء كان حقاً على البدن أو حقاً في المال. وقال أبو حنيفة رحمه الله: يصح إقرار الصبي المميز إذا كان مأذوناً في التجارةء وهذا غلط لقوله - صلى الله عليه وسلم -:"رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى ينتبه".
واعلم أن المراهق لو أقر بالاحتلام أو أقرت المراهقة بالحيض قبل إقرارهما إذا