لزمه القطع قولاً واحداً، وهل يغرم السرقة؟ قولان فإذا قلنا: لا يغرم ففك الحجر يلزمه فيما بينه وبين الله تعالى دون الحكم. وإن كان الحجر لرق فإن أقر بما يتعلق بالبدن لزمه، وإن كان بالمال لزمه في ذمته قولاً واحداً فإذا عتق استوفي منه في الحكم وفيما بينه وبين الله تعالى. وان كان حقاً في مال يتعلق به حق على البدن مثل السرقة 100/ب قطعناه وهل يتعلق الغرم برقبته فتباع فيه أم لا؟ وقد ذكرنا. وإن كان هذا الإقرار منه بعد عتقه في حق لزمه في حال رقه فإن كان حقاً على البدن أقيم عليه حد العبيد، وإن كان في مال استوفي منه إن كان واحداً. وإن كان بالسرقة قطعناه وغرمناه، وإن كان مأذونا فكذلك إلا إذا أقر بماله تعلق بمال التجارة كالبيع والشراء فيقبل قوله ويستوفى مما في يديه من مال التجارة، فإن عجز عن شيء كان في ذمته دون رقبته. وإن كان الحجر للفلس فقد ذكرنا.
وأما قول الشافعي: "بالغ رشيد". أراد بالرشيد العاقل لأنه ليس من شرط صحة الإقرار العدالة ويحتمل أنه أراد أن لا يكون سفيهاً محجوراً عليه حتى يصح إقراره بالمال فإذا تقرر هذا قال الشافعي بعد هذا: "ومن لم يجز بيعه لم يجز إقراره ".
فإن قيل: هذا لا يستقيم طرداً وعكساً لأن العبد المحجور عليه لا يجوز بيعه ويجوز إقراره بالقصاص ونحوه، والسفيه المحجور لا يجوز بيعه ويجوز إقراره بالقصاص والطلاق والنسب والاستيلاء، والأعمى لا يجوز بيعه ويجوز إقراره وكذلك السكران، قلنا: قال بعض أصحابنا: أراد الإقرار بالبيع خاصة يعني لم يجز إقراره بالبيع.
وقيل: أراد أنّه لا يجوز أكثر إقراره وقد يذكر الحد على معنى الأكثر الأغلب وقيل: أراد لم يجز إقراره بالمال وهذا مستقيم في السفيه والعبد، وأما الأعمى فيجوز بيع ما شاهده قبل العمى ويجوز سلمه وفي غيره قولان. وقيل: كل نقص يمنح البيع يمنع الإقرار والأعمى لا يجوز بيعه لعام الرؤية لا لنقصه. وأما السكران قال ابن أبي أحمد: يجوز إقراره، ولا يجوز بيعه كما ذكرتم، وبه قال ابن أبي هريرة لأن البيع يجمع ماله وما عليه فإذا لم يجز ماله لم يجز ما عليه لأن أحدهما لا ينفرد عن الآخر. وقال في "الإفصاح ": بيع السكران يحتمل وجهين.
وقال القاضي الطبري: الصحيح عندي جواز بيعه لأنا نجري أفعاله مجرى أفعال الصاحي. وقال في "الجامع": روى المزني عن الشافعي في ظهار السكران ما إذا صح كان بمنزلة المجنون في إقراره. وقال الشافعي في موضع: "ولو شرب رجل خمراً أو نبيذاً مسكراً فأقر 101/أ في حال سكره لزمه ما أقر به". وقيل: أراد الشافعي: ومن لم يجز بيعه بحالٍ كالصبي والمجنون لم يجز إقراره في حالٍ من الأحوال. وقيل المحجور عليه أربعة، والرابع المريض وحكم إقراره يأتي.
فرع
إقرار المرتد في بدنه لازم قبل الحجر وبعده. وأما في ماله بعد الحجر ففي حجره وجهان أحدهما: يجري مجرى حجر المرض فعلى هذا عقوده لازمة وإقراره نافذ.