وقال محمد وزفر: يسقط الاستثناء بكل حال ويلزمه الألف. وهذا غلط لأن لهذا الاستثناء وجهاً صحيحاً في الكلام فإنه إذا قال: عليّ ألفٌ إلا عبداً معناه إلا قيمة عبدٍ، ولو صرح بهذا كان صحيحاً فجاز أيضاً حمل الكلام عليه. ولأنه لا يختلف أهل اللغة في صحة استثناء الجنس من الجنس ولكن اختلفوا في إعرابه فبعضهم نصبه، وبعضهم رفعه، فال ذلك على جوازه.
وقد قال النابغة (1) من البحر البسيط:
وقفت فيها أصيلاناً أسائلها عَيت جواباً وما بالربع من أحد
إلا الأواري لأياماً أبينها والنوى كالحوض بالمظلومة الجلد
وقال أيضاً:
وبلدةٍ ليس بها أنيس إلا اليعافير وإلا العيس
واليعافير: ذكور الظباء، والعيس: الجمال البيض، والأواريّ: المعالف. وقيل: يجوز الاستثناء من غير جنسه في الإقرار وهل يجوز في غير الإقرار؟ وجهان لأنه قد يصح أن يؤخذ في الحقوق المقر بها غير الجنس بدلاً عنها ويتعذر وجود مثله في غير الإقرار.
فرع
ألفاظ الاستثناء إلا وغير وخلا وما خلا وحاشا. ولو قال: عليّ ألف واستثنى مائة أو أحط مائة فيه وجهان: أحدهما: يكون استثناءً صحيحاً لأنه قد صرح بحكمه فأغنى عن لفظه. والثاني: لا يصح لأنه واعد بالاستثناء إذا قال: استثنى وحاط بغير استثناء إذا قال: أحط.
فرع آخر
إذا قال: لفلان ألفاً إلا درهماً نقول له: فسر الألف الذي أبهمته. فإن قال: أردت به ألف جوزة 108/ ب أو ألف لوزة أو ألف باذنجانة نُظر فإن كان إذا استثنى منه مقدار الدرهم يبقى من الألف شيء صح الإقرار، وان لم يبق شيء لا يصح هذا التفسير.
فرع آخر
إذا لم يصح التفسير هل يجب هذا الألف كاملاً أو يطالب بتفسير. بألفٍ، يصح منه استثناء الدرهم؟ قال صاحب "الإفصاح ": فيه وجهان: أحدهما: أن الألف الذي فسره به يلزمه كله كما لو قال: له عليّ ألف درهم إلا ألف درهم بطل الاستثناء ولزمه جميع