يوقف على المرفوع وإذا احتمل ذلك لم يلزمه إلا اليقين. وعلى القول الأول وهو اختيار أبي حامدٍ يلزمه درهم.
وأما الثاني: إذا كرر فقال: عليّ كذا وكذا فإن لم يفسر كان كقوله كذا مرة واحدةً وهو كقوله: علي شيء شيء فهو شيء واحد والتكرار تأكيد وقد مضى حكمه وهذا لأنه لم يعطف أحدهما على صاحبه بحرف العطف واليقين هو التكرار وما زاد عليه شك، وإن فسر وقال: كذا كذا دوهماً أو درهمٌ أو درهم فهو على ما ذكرنا في قوله: كذا درهم حرفاً بحرفٍ.
وقال ابن أبي أحمد في "المنهاج ": يلزمه درهم وزيادة إذا قال: كذا كذا درهماً. وقال القاضي أبو علي الزجاجي قلت: أنّا لا نلزمه الزيادة وهو على ما قال وذلك غلط.
وقال أبو حامد في "الجامع": قد قيل إن المقر إذا كان من أهل العربية والعلم باللغة يلزمه أحد عشر درهماً إذا قال: درهماً بالنصب. وقيل: لا يلزمه حتى يقول: أردت ما توجب العربية وهذا لا يعرف للشافعي في كتبه. وقيل: هذا مذهب محمد ولا يفرق بين أن يكون عارفاً باللغة أو لا ولا نص فيه عن أبي حنيفة. وحكي عن أبي إسحاق أنه قال: إن كان نحوياً يلزمه ما قال محمد، وإن كان من العامة الذين لا يعرفون في الكلام يلزمه درهم واحد وهذا غلط لأن في قوله كذا درهم بالخفض لم يعتبر مقتضى اللسان في إيضاف مائة درهم كذلك ههنا.
وأما الثالث: إذا قال: كذا وكذا فإن أطلق ولم يفسر كان كقوله: شيء يعني فيرجع 113/ ب في تفسيرهما إليه فإن فسرهما بمالين فالقول قوله. وان فسر وقال: كذا وكذا درهماً قال المزني: يلزمه درهمان ثم قال: وقال في موضع آخر: يلزمه درهم فأكثر يعني أقل ما يقبل منه درهم واحد فإن زاد عليه قبل منه. واختلف أصحابنا فيه على طوق فذهب المزني إلى أن المسألة على قولين: أحدهما: درهم واحل وهو اختيار المزني لأن أقل شيئين فسرا بدرهم نصف ونصف والأقل هو اليقين. والثاني: يلزمه درهمان لأنه أقر بجملتين مبهمتين ثم فسرهما بالدرهم فالظاهر أن ذلك تفسيرا لكل واحدة منهما. قال المزني: وهذا إذا نصب فقال: درهماً، فإن قال: درهم بخفض كان أقل من درهم لأن تقديره كذا وكذا من درهم. وان قال: كذا وكذا درهم برفع يلزمه درهم واحد لأن تقديره كذا وكذا هما درهمٌ.
وقال أبو إسحاق: ليس على قولين بل هو على اختلاف حالين فالذي قال: درهم واحد إذا قال: كذا وكذا درهم بالرفع والذي قال: درهمان إذاً قال: بالنصب وهذا بين في كتاب "الأم " لأن الشافعي ذكرها بين المسألتين في كتاب الإقرار والمواهب وإحداهما تتلو الأخرى والظاهر أنه لم يقصد به القولين وإنما قصد به اختلاف حالين لأنه لا يجوز أن تكون المسألة الواحدة في موضعٍ واحدٍ ويجيب بجوابين مختلفين فيجب أن تكون الأولى بالنصب، والثانية بالرفع.