قيل: أليس المحجور عليه إذا أقر بالدين بعد الحجر يقدم عليه من أقر له قبل الحجر في أحد القولين فما الفرق؟ قلنا: الفرق من وجهين:
أحدهما: أن المقر له في الحجر يرجع إلى ذمته ويأخذ حقه إذا استفاد مالاً فلم يكن في تقديم المقر له قبل الحجر إسقاط دينه، وههنا إذا قدمنا المقر له في صحته أدى إلى إسقاط حجره فإنه لا يرجع إلى ذمته بعد موته ولا يرجو أن يستفيد مالاً فيستوفى منه.
والثاني: أن الديون التي على المحجور عليه مبنية على تقديم الأقوى فالأقوى، ألا ترى أنا نقدم من وجد ماله بعينه على من دينه في الذمة؟ وليس في يده عين مالٍ بخلاف هذا.
فرع
العبد المأذون إذا أقر بدين لزمه من ثمن المبيع أو أرش العيب ونحوه ينقذ إقراره. فلو حجر السيد عليه ثم أقر لآخر بدين نظر فإن كان المال الذي في يده صرف إلى المقر له أولاً ولم يبق في يده ولا في يد السيد منه شيء فلا يسترجع من المقر له ما قد حكمنا بملكه بإقرار العبد. وان كان المال في العبد أو يد السيد لم يصرف إلى غرمائه فإنه يشاركهم أو يأخذ ما يفضل عنهم على وجهين بناءً على القولين اللذين ذكرناهما في إقرار المحجور عليه لا فرق بينهما.
فرع آخر
إذا قدم المريض قضاء بعد ديون غرمائه لم يشركه الباقون فيه خلافاً لأبي حنيفة وهذا لأنه لزمه قضاؤه فأشبه إذا قضى ثمن سلعته في يده.
مسألة (1): قال: ولو أقَّر لوارثٍ فلم يمت حتى حدث وارثٌ يحجبه.
الفصل
وهذا كما قال: إذا أقر في مرضه لا يخلو إما أن يكون للأجنبي أو للوارث، فإن كان للأجنبي يلزم إقراره سواء كان الإقرار بعين أو دين أو كان بكل المال أو ببعضه لأنه مطلق التصرف في ماله ولا يتهم في إقراره ويكون مقدماً على الوارث. وفيه قول آخر ذكره القاضي أبو علي الزجاجي 115/ أ في "زيادة المفتاح " أنه يعتبر من الثلث لأنه كالوصية ولم يذكره غيره وهو غريب. وان كان للوارث إما بدين أو بعين قائمةٍ، أو بسهم من ماله، أو بكل ماله؟ اختلف أصحابنا فيه قال أكثرهم: المسألة على قولين لأن الشافعي قال: إذا أقر لوارث فمن أجاز الإقرار لوارث أجازه، ومن أبى رده فالظاهر من هذا أنه خرج المسألة على قولين. وقال ابن أبي هريرة: لا يختلف قول الشافعي أنه يقبل إقراره لوارثه والذي قال: من أبى رده إنما هو تفريع على قول غيره، وقال أبو