مسألة (1): قال: ولو قال: غصبتٌ هذه الدار من فلانٍ ومُلكها لفلانٍ.
الفصل
وهذا كما قال: إذا قال: غصبت هذه الدار من فلان وملكها لفلا ن آخر فإن الدار تُسلم إلى المغصوب منه لأنه يلزمه تسليمها إلى من غصبها منه ويجوز أن تكون في يده بحق إن كان الملك لغيره بحق 118/ ب الإجارة وغيرها ثم ترجع هي مع مالكه علم ويكونان كرجلين تداعيا داراً في يد أحدهما وشهادته للمالك لا يقبل لأنه غاصب فلا تقبل شهادته، فإن قيل: إذا حسنت حاله وظهرت عدالته فاقبلوا شهادته.
قلنا: حسن الحال إنما يعتبر بعد رد المغصوب فأما ما دامت يده ثابتة على المغصوب فلا تحصل عدالته. ولو قال: هذه الدار ملك لغيره وغصبها من زيد فأقر، ذكر الغصب في إقراره فيه طريقان إحداهما: الحكم فيه كالحكم في المسألة قبلنا بهذا للشبه، والثانية: يلزمه تسليمها إلى زيد، وهل عليه الضمان لعمرو؟ قولان كما لو قال: هذه لزيد لا بل لعمرو والفرق أن هناك أقر للأول باليد وللثاني بالملك على ما علم وقد لزمه الإقرار الأول فلم يكن لإقراره الأول مفرطاً ولا مخطئاً فلم يلزمه الغرم وههنا أقر بالملك لعمرو فيلزمه ردها إليه ثم أقر باليد لآخر فأحال بين المالك المقر له أولاً وبين الدار فيلزمه الغرامة. فإن كان يعلم أنَ ملكها لعمرو وكانت في يد زيد بغير حق فعليه فيما بينه وبين الله تعالى تسليمها إلى عمرو.
مسأله (2): قال: ولو قال: غصبتها من فلانٍ لا بل من فلانٍ كان للأولِ ولا غرمَ عليه للثاني.
وهذا كما قال: إذا قال: غصبت هذه الدار من فلان ثم قال متصلاً به أو منفصلاً عنه: لا بل غصبتها من فلان آخر، فإن الدار تسلم إلى المقر له أولاً ولا يقبل رجوعه عنه للثاني، وهل يلزمه الغرامة للثاني؟ اختلف أصحابنا فيه على ثلاثة طرق.
إحداها: وهو قول أكثر أصحابنا فيه قولان: أحدهما: يلزمه قيمة الدار للثاني وبه قال أبو حنيفة وهو الأصح لأنه أقر بها لفلان بعد أن حال بينها وبينه بغير حق فيلزمه الضمان كما لو أقر بعبد له بعد أن قتله.
والثاني: لا تلزمه القيمة لأنه يطالبه المقر له أولاً بالدار ولا يجوز أن تجتمع المطالبة بالعين وبدلها من القيمة. ولأن الذي يدعيانه عين واحدة واعترف بها لهما فلا يغرم لأحدهما شيئاً كما لو قال: هي لهما. والثانية: لا تلزمه الغرامة قولاً واحداً في الحال إلا أن يُؤيس من العين بتلفها في يد المقر له فيكون حينئذ غارماً، 119/ أ وهذا معنى قول الشافعي: ولا غرم عليه للثاني أي عاجلا.
والثالث: إن كان سلمها المقر إلى الأول بيده فعليه الغرامة قولا واحدا. وإن سلمها الحاكم فعلى قولين وهذا لا يصح، لأن الشافعي نص في كتاب الشهادات على أنه لو