وهذا كما قال: إذا قال: لفلان عندي ألف درهم عارية كانت مضمونة، لأنه وصف بكونه عارية والعارية مضمونة ويصح استعارة الدراهم والدنانير عندنا، وهو اختيار أبي إسحاق، وقيل: كيف يجوز استعارتها ولا يمكن الانتفاع بها مع بقاه عينها؟ قلنا: يمكن ذلك إذا كان صيرفياً يتركها بين يديه تجملاً وترغيباً للناس في معاملته.
ومن أصحابنا من قال: يجوز استعارة الدراهم والدنانير، وعلى هذا تكون مضمونة أيضاً لأنه لا يكون عارية فاسدة وما كان صحيحه مضموناً كان فاسده مضمونا. وقال أبو حنيفة في هذه المسألة: كما قلناه ولكنه علل بعلة أخرى وذلك أن الدراهم والدنانير لا تقبل العارية فإذا قبضها باسم العارية كانت قرضاً والقرض مضمون.
مسألة (1):قال: ولو أقر في عبدٍ في يدهِ لفلانٍ.
الفصل
وهذا كما قال: إذا كان في يده عبد فقال: هذا العبد لزيد، وقال العبد: بل لعمرو فالقول قول الذي في يده العبد. وكذلك إذا قال: الذي في يده هو لي، وقال العبد: بل لفلان غيرك فالقول قول الذي في يده لأن العبد في يد سيده ولا يكون في يد نفسه لأن العبد لا يقبل إقراره فيما طريقه المال على سيده لأنه يجوز أن يقصد الإضرار به فكان متهماً فيه.
وهذه المسألة مفروضة فيه إذا كان محكوماً له بملكه وإنما حكم بملكه بأحد أسباب ثلاثة؟ أحدها: أن يرى في يده طفلاً فهو كالبهيمة، أو يكون مجهول النسب يقول: أنا عبد لفلان وقبله فلان أو يملكه بأحد أسباب الملك من غنيمة 124/ أ أو بيع أو هبة ونحو ذلك. ولو لم يكن هكذا فقال: هذا عبدي أو عبد لفلان وقال العبد: بل أنا حر فالقول قول العبد لأن للحر على نفسه يداً فصاحب اليد بقبول توله أولى ويحلف على ذلك قال الصيمري: ويحتمل أن يقال: لا يمين عليه. ولو أقر بالرق له ثم ادعى أنه أعتقه فالقول قول السيد مع يميه لأن الأصل عدم الإعتاق.
فرع
لو قال: الذي ني يده هو لزيد، وقال زيد: ما ملكته قط اختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال: يحكم بحريته لأنه لم يبق عليه ملك لأحدٍ كما قلنا ني اللقيط إذا أقر بالرق لمن كذبه يحكم بعتقه، ومنهم من قال: يبقى على الرق لأن الأصل ملك المقر ورقه، فإذا رد إقراره من أقر له به بقي على ما كان. فإذ اقلنا بهذا الوجه الثاني ماذا يصنع به؟ قد ذكرنا من قبل فيه أوجه.
فرع آخر
إذا قلنا: ترفع عنه يد المقر ولا نحكم بعتقه فمن سبق إلى ادعائه ملكاً لم يمنع منه