لها أميناً، فإن اختار لها أميناً قد اختاره لوصية نفسه كان أولى ولا ضمان عليه، وفي وجوب الإشهاد عليه بها وجهان، وإن اختار لها أميناً غير من اختاره لوصية نفسه، ففي ضمانه وجهان:
أحدهما: لا يضمن، وهو قول الأكثرين من أصحابنا، كما لو أوصى ببعض ماله إلى رجل وبعضه إلى غيره.
والثاني: وهو قياس أبي سعيد الإصطخري في علف الدابة في غير منزله أنه يضمن، لأن الظاهر ممن اختاره بنفسه أنه أظهر أمانة قلنا إن أوصى بها إلى غير أمين لم يجز، سواء جعله وصي نفسه أم لا؛ وسواء علم فسقه أم لا؛ لأن العمد والخطأ في ضمان الأموال سواء فإن فعل، نظر فإن سلمها إليه ضمنها لتفريطه فيها، وإن لم يسلمها إليه عند الوصية حتى هلكت ففي ضمانه لها وجهان:
أحدهما: أنه لا يضمنها، لأنه ما أحدث فيها فعلاٌ.
والثاني: يضمنها، لأنه قد سلط عليها، وإن لم يقبضها فصار ذلك عدواناً فوجب الضمان، فأما إن لم يوص بها حتى مات نظر، فإن لم يقدر على الوصية لمفاجأة الموت لم يضمن، وإن قدر عليها ضمن وبالله التوفيق.
مسألة (1)
قَاَلَ الشَّافِعِيُّ: "فَإِنْ انْتَقَلَ مِنْ قَرْيَةٍ آهِلّةٍ إِلَى غَيْرِ آهِلّةٍ ضَمِنَ".
قال في الحاوي: اختلف أصحابنا في نقل هذا اللفظ، فذهب أبو إسحاق المروزي إلى أن الرواية فيه: "ولو انتقل من قرية أهله" يعني: كثير الأهل "إلى غير أهله" يعني: قليلة الأهل.
وذهب أبو علي بن أبي هريرة إلى أن المراد بقوله: "ولو انتقل من قرية أهله" يعني: وطن أهله إلى غير وطن أهله.
وجملة ذلك: أن لا يخلو حال القرية التي انتقل إليها من أن تكون آمنة أو غير آمنة، فإن كانت عبر آمنة كان ضامناً ينقل الوديعة إليها، وإن كانت آمنة لم يخل حاله من أن تكون قريبة أو بعيدة فإن كانت بعيدة ضمن لما في نقلها من إبعادها عن مالكها، فإن كانت قريبة لم يخل حال الطريق من أن يكون آمناً أو مخوفاً، فإن كان مخوفاً ضمن وإن كان آمناً لم يخل حال القرية التي انتقل عنها من أن تكون مخوفة أو آمنة، فإن كانت مخوفة لا يأمن على الوديعة فيها من غارة أو حريق، أو غرق لم يضمن، وإن كانت آمنة ففي ضمانه وجهان:
أحدهما: وهو قول أبي إسحاق المروزي: أنه لا يضمن على ما قدمته من رواية