وروي أن رجلًا قال لأبي بكر الصديق: رأيت في منامي كأنني أبول دمًا. فقال: يوشك أن تطأ امرأتك وهي حائض، قال: 266 ب/1 استغفر الله ولا تعد. ولم يوجب الكفارة، ولأنه وطء حرم لأجل الأذى فلا تجب به الكفارة كالوطء في الدبر.
وأما الخبر الذي ذكروه وروي موقوفًا على ابن عباس ولا يثبت مرفوعًا، وألفاظه مختلفة، ويحتمل الاستحباب، ولهذا إنه حير بين الدينار ونصفه.
وروي عن عمر-رضي الله عنه- أنه قال:" يجب إعتاق رقية"، وبه قال سعيد بن جبير. وروى عن الحسن البصري أنه قال:" يلزمه نا يلزم من المجامع في نهار رمضان"، وبه قال عطاء الخراساني، وهذا لا يصح لما ذكرنا.
وقال الأستاذ الإمام أبو إسحاق الإسفراييني:" أراد بإدبار الدم انقطاع دمها ووطئها قبل الاغتسال فيتصدق بنصف دينار. وأما قبل الانقطاع فيجب دينار وإن كان في آخره" وسائر أصحابنا قالوا: إدبار الدم هو أن يقل ويقرب الانقطاع فإذا تقرر هذا، فإذا انقطع دمها لا يحل له وطئها أيضًا، وسواء انقطع لأكثر الحيض أو لأقله، أو لما بينهما حتى تصير إلى صفة تسبيح الصلاة بالغسل عند وجود الماء، وبالتيمم عن عدمه. وبه قال الزهري وربيعه، والحسن، وسليمان بن يسار، ومالك، والليث، والثوري، وأحمد، وإسحاق.
وقال أبو حنيفة: إن انقطع دمها لعشرة أيام-وهي أكثر مدة الحيض عنده-267 أ/1 حل وطئها وإن لم يغتسل. وإن انقطع دمها لدون العشر لا يحل وطئها ما لم تغتسل أو يمر عليها وقت الصلاة. وعندنا مرور وقت الصلاة لا يبح الوطء بحالٍ. وقال أيضًا: لا يحل وطئها بالتيمم حتى تصلي بالتيمم. وقال مكحول: لا يحل وطئها بالتيمم أصلًا. وقال طاوس ومجاهد: إذا لم تجد الماء يحرم وطئها حتى تتوضأ ثم تحل.
واحتج الشافعي على أبي حنيفة بقوله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} البقرة:222، يعني من الحيض، وهو انقطاع الدم {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} يعنى اغتسلن بالماء {فَاتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} البقرة:222، يعني في القبل دون الدبر، وقد قرنت هذه الآية (حتى يطهرن) بتشديد الطاء والهاء، يعني يغتسلن.
وأما الاستمتاع المباح فهو مباشرتها فوق الإزار، والإزار عبارة عما بين السرة والركبة، وهو قدر عورة الرجل.
وأما المختلف فيه فمباشرتها بما تحت الإزار ما دون الفرج، نص الشافعي أنه حرم خوفًا أن يصيبه منها أذي. ذكره في أحكام القرآن و"الأم" وبه قال مالك: وأبو حنيفة، وأبو يوسف. قال أبو إسحاق بن خيران وحكاه صاحب"الحاوي" عن مالك هو