الخبر أن أربعة أخماسه خالص لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعنى الآية أن خمسه مقسوم على خمسة حتى يستعمل على وجه لا يتنافيا ولا يسقط واحد منهما بالآخر، ثم يدل على أبي حنيفة أن ما يملك من المشركين لم يكن جميعه خمساً كالغنيمة، ثم يدل عليها أنه لما كان أربعة أخماس الغنيمة ملكاً للغانمين للوصول إليها بالرعب من المقاتلة وجب أن يكون أربعة أخماس الفيء ملكاً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - للوصول إليه بالرعب منه، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نصرت بالرعب فالعدو يرهبني مسيرة شهر أو شهرين" (1).
فأما الجواب عن استدلال أبي حنيفة بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصرف ذلك في المصالح، فهو أن أمواله كان يصرفها في طاعة الله، ولا يدل لقربه إلى الله تعالى بها على أنه غير مالك لها.
وأما الجواب عن استدلال مالك بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مالي فيما أفاء الله عليكم إلا الخمس" فهو أنه محمول على الغنيمة دون الفيء؛ لأنه أضاف ذلك إلينا، والغنيمة هي المضافة إلينا، فأما الفيء، فهو مضاف إليه لا إلينا.
فصل
فإذا تقرر ما وصفنا من حكم الغنيمة والفيء فالذي ملك الله تعالى رسوله منهما مما يبين.
أحدهما: خمس الخمس من الفيء والغنيمة.
والثاني: أربعة أخماس الفيء، فأما الصغر من الغنيمة فقد كان مخصوصاً به، فيصطفي من الغنيمة ما شاء من جارية وثوب وعبد وفرس، وما جرى مجرى ذلك، وكانت صفية بنت حيي مما اصطفاها لنفسه بخيبر، ثم أعتقها وتزوجها وقيل: إنها سميت صفية لأنه اصطفاها لنفسه، وكانت الصفايا مما يختص بها ملوك العرب من جاهلية، ومنه قول الشاعر (2):
لك المرباع فيها والصفايا
... وحكمك والنشيطة والفضول
فصار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مالكاً لربعة أموال، مالين من الغنيمة، وهو خمس الخمس، والصغى، ومالين من الفيء وهو خمس، وأربعة أخماسه.
فأما حكم ذلك بعد وفاته فهو أن ما كان قد ملكه من ذلك في حياته كأموال بني