المسلمين وما سوى سهم النبي - صلى الله عليه وسلم - من جميع الخمس لمن سماه الله تعالى فينبغي للإمام أن يجتهد إذا كثر العدو واشتدت شوكته وقل من بإزائه من المسلمين فينقل منه إتباعاً لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلا لم يفعل وقد روي النفل في البداءة والرجعة الثلث في واحدة والربع في الأخرى. وروى ابن عمر أنه نفل نصف السدس وهذا يدل على أنه ليس للنفل قد لا يجاوزه الإمام ولكن على الاجتهاد".
قال في الحاوي: وهذا صحيح.
قد ذكرنا في أول الباب أن النفل في كلامهم هو زيادة من الخير، وهو هاهنا الزيادة من الغنيمة يختص بها بعض الغانمين دون بعض. وقد تكون من أربعة أوجه:
أحدهما: السلب، يستحقه القتل من أصل الغنيمة من غير شرط على ما قدمناه.
والثاني: ما ادعى إلى التحريض على القتال والاجتهاد في الظفر، مثل: أن يقول الإمام أو أمير الجيش من يقدم في السرايا إلى دار الحرب فله كذا وكذا، ومن فتح هذه القلعة فله كذا وكذا، أو من قتل فلاناً فله كذا، أو من أقام كميناً فله كذا، فهذا جائز، سواء جعل ما بذله مقدراً في الغنيمة كقوله: فله ألف دينار أو جعله شائعاً في الغنيمة كقوله: فله ربع الغنيمة أو ثلثها، أو جعله مقدار بالسهم فيها كقوله: فله نصف مثل سهم، كل ذلك سواء، والدليل على جوازه إذا دعت الحاجة إليه ما رواه الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية قبل نجد فغنموا إبلاً كثيرة فكانت سهامهم اثني عشر بعيراً او أحد عشر بعيراً ثم نفلوا بعيراً (1).
وروى زيد بن حارثة عن حبيب بن مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نفل الثلث بعد الخمس في بدائه (2).
وروى مكحول عن أبي أمامة عن عبادة بن الصامت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينفل في البداءة الربع وفي الرجعة الثلث (3).
وفيه لأصحابنا ثلاثة تأويلات:
أحدهما: أن البداءة أن يبتديء بإنفاذ سرية إلى دار الحرب فجعل لها الربع، والرجعة أن ينفذ بعدها سرية ثانية فيجعل لها الثلث فيزيد الثانية، لأنها تدخل بعد علم أهل الحرب بالأولى.
والثاني: أن البداءة أن ينفذ سرية في ابتداء دخوله دار الحرب فيجعل لها الربع، وللرجعة أن ينفذها بعد رجوعه عن دار الحرب، فيجعل لها الثلث؛ لأنها برجوع الجيش