والثاني: من أربعة أخماس على ما سنذكره.
فصل
والوجه الرابع: من النفل أن يقول الإمام أو أمير الجيش قبل اللقاء: من غنم شيئاً فهو له تحريضاً للمسلمين؛ لما يخاف من كثرة العدو وقوة شوكتهم، فالذي نص عليه الشافعي وهو المشهور من مذهبه، والمعول عليه من قوله أن هذا القول لا يوجب اختصاص كل إنسان بما أخذه، الواجب رد جميعه إلى المغنم، وإخراج خمسه، وقسمة أربعة أخماسه في جميع من شهد الوقعة.
وقال أبو حنيفة: وهذا شرط لازم، ومن أخذ شيئاً فهو له، ولا يخمس؛ لأنهم على ذلك غزواً وبه رضوا.
وقال الشافعي: ولو قاله قائل كان مذهباً، فمن أصحابنا من خرجه قولاً له ثانياً استدلالاً بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يوم بدر: من أخذ شيئاً فهو له ودليل القول الأصح في أن هذا الشرط لا حكم له عموم قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} الأنفال: 41 وقول أبي بكر - رضي الله عنه - موقوفاً عليه ومسنداً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الغنيمة لمن شهد الوقعة" فلم يجز أن يختص بها بعضهم؛ ولأن من استحق الغنيمة من غير شرط الإمام لم يسقط حقه لشرط الإمام كما لو شرطها لغير القائمين. فأما قوله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر: "من أخذ شيئاً فهو له" فليس بثابت، ولو ثبت لم يكن فيه دليل؛ لأن غنائم بدر كانت خالصة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويضعها حيث شاء حتى جعلها الله تعالى بعد بدر لمن شهدها بعد إخراج خمسها، والله أعلم.
باب تفريق الغنيمةمسألة (1)
قال الشافعي رحمه الله: "كل ما حصل مما غنم من أهل دار الحرب من شيء قل أو كثر من دار أو أرض أو غير ذلك قسم إلا الرجال البالغين فالإمام فيهم مخير بين أن يمن أو يقتل أو يفادي أو يسبي وسبيل ما سبي أو أخذ منهم من شيء على إطلاقهم سبيل الغنيمة وفادى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً برجلين".
قال في الحاوي: اعلم أن جميع ما ظهر عليه المسلمون عنوة من المشركين على ثلاثة أقسام:
قسم هي أموال منقولة، وقسم هي أرض ثابتة، وقسم هم آدميون مقهورون، فأما الأموال المنقولة، كالفضة، والذهب، والسلاح، والآلة، والعروض، والأمتعة، والخيل، والرقيق فالواجب إخراج خمسها لأهل الخمس على ما يأتي بيانه ثم يقسم أربعة أخمساها