الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل النساء والصبيان لكونهم مالاً مغنوماً وقسم سبي بني المصطلق بين الغانمين، واصطفى صفية بنت حيي من سبي خبير وقسم سبي هوازن بين الناس حتى استنزله هوازن فنزل واستنزل. وأما المقاتلة فللإمام فيهم بالخيار اجتهاداً ونظراً بين أربعة أشياء ومنها ما رآه صالحاً:
أحدهما: القتل.
والثاني: الاسترقاق.
والثالث: الفداء بمال أو رجال.
والرابع: المن، فإن كان ذا قوة يخاف شره أو ذا رأي يخاف مكره قتله، وإن كان مهيناً ذا كد وعمل استرقه، وإن كان ذا مال فأداه بمال، وإن كان ذا جاء فأداه بمن في أيديهم من الأسرى، وإن كان ذا خير ورغبة في الإسلام من عليه وأطلقه من غير فداء، فيكون خيار للإمام أو أمير الجيش، فمن أسر من المشركين بين هذه الأربعة الأشياء بين القتل أو الاسترقاق أو الفداء بمال، أو رجال، أو المن.
وقال أبو حنيفة: هو بالخيار بين شيئين: القتل، أو الاسترقاق، وليس له الفداء والمن.
وقال صاحباه أبو يوسف ومحمد: هم بالخيار بين ثلاثة أشياء: بين القتل أو الاسترقاق أو الفداء برجال وليس له الفداء بماء ولا المن، ونحن ندل على كل واحد من ذلك على انفراده.
وأما القتل فالدليل على جوازه قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} التوبة:5 الآية وقتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأسرى أربعة أنفس صبراً، ومنهم: أبو عزة الجمحي وعقبة بن أبي معيط وابن خطل وابن النضر بن الحارث، فأما أبو عزة الجمحي فإنه أسر يوم بدر فقال: يا محمد من علي، فمن عليه، فلما عاد إلى مكة ط قال: "سخرت بمحمد، وعاد لقتاله يوم أحد فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم أوقع أبا عزة" فما أسر غيره، فأتي به فقال: يا محمد من علي فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أمن عليك حتى تأتي مكة فتقول في نادي قريش: سخرت من محمد مرتين، لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، اقتلوه" (1) فقتل.
وأما عقبة بن أبي معيط فلما أسر أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتله، فقال: من المصيبة فقال: النار، وأما أبا خطل فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما دخل مكة عام الفتح أباح دم ستة هو منهم، فتغلق بأستار الكعبة فهو آمن" وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - استثنى الستة وقال: "اقتلوهم وإن تعلقوا بأستار الكعبة" فلما أقر بذلك قال: "اقتلوه" (2) فقتل.