والثاني: لا يدعوه المستأجر إلى خدمته ففي استحقاق الأجر وجهان:
أحدهما: لا يستحقها تعليلاً بما ذكرنا.
والثاني: يستحقها، لأن الأجرة في مقابلة التمكين من الخدمة، والتمكين موجود وان لم يقترن به الاستيفاء، وان كانت الإجارة تقدر على قسمها ففيه ثلاثة أقاويل:
أحدهما: لا يسهم له سواء أقام عليها من بعد أو فسخ.
والثاني: يسهم له سواء أقام عليها من بعد أو فسخ.
والثالث: أنه مخير بين أن يقيم على الإجارة فلا يسهم له ويعطي رضخاً وتكون له الأجرة، وبين أن يفسخ فيسهم له وتسقط الأجرة.
فإذا قيل: يسهم له فسواء قاتل أو لم يقاتل له سهمه كغيره من الجيش.
وإذا قيل: لا يسهم له كان ذلك حكمه ما لم يقاتل في حضوره، فأما إذا قاتل وأبى فإنه يستحق على هذا القول السلب إن قتل قتيلاً، وفي استحقاقه للسهم وجهان:
أحدهما: وهو قول أكثر البصريين منهم أبو الفياض يستحق الهم لبلائه وظهور عنائه.
والثاني: وهو الظاهر من قول أبي إسحاق المروزي، والأصح عندي أنه لا سهم له؛ لأن من لم يستحق السهم بالحضور إذا لم يقاتل لم يستحقه وان قاتل كأهل الرضخ طرداَ وأهل الجهاد عكساً.
مسألة (1)
قال الشافعي رحمه الله: "ولو أفلت إليهم أسير قبل تحرز الغنيمة فمد قيل يسهم له وقيل لا يسهم له إلا أن يكون قتال، فيقاتل فأرى أن يسهم له".
قال في الحاوي: إذا كان في أيدي المشركين أسير أفلت منهم وقت القتال وصار إلى المسلمين، فلا يخلو حاله من أن يختلط بالجيش أو لا يختلط فإن لم يختلط وتوجه إلى وطنه فلا حق له في الغنيمة، وان اختلط في الجيش فلا يخلو حاله من ثلاثة أقسام:
أحدهما: أن يحضر قبل تقضي الحرب فهذا يهم له قاتل أو لم يقاتل. وقال أبو حنيفة: لا يسهم له إلا أن يقاتل؛ لأنه ما قصد الجهاد ولا تكلف له وهذا خطأ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الغنيمة لمن شهد الوقعة" ولأن من أسهم له إذا قاتل أسهم له، وان لم يقاتل كسائر الجيش؛ ولأن ما عاناه من شدة الأسر وذله لا يجوز أن يكون سبباً لحرمانه فأما نية القصد وتكلف المؤن فليس بشرط في سهم غيره فكذلك في سهمه.
والثاني: أن يحضر بعد الوقعة وقبل إجازة الغنيمة ففي استحقاقه للسهم قولان بناء