أحدهما: يستبقي في بيت المال ولا يرد عليهم؟ لأنه قد يتجدد من وجوه المصالح ما يكون ذلك معداً له.
والثاني: أنه يرد على الجيش بعد استكمال المصالحء بقسط أرزاقهم ولا يستبقي لمصلحة لم يعلم بها مع ظهور المصلحة في اتساع الجيش بها، ولما روي عن عمر رضي الله عنه أنه حلف في المال المحمول من فارس أنه لا يأوي تحت سقف حتى يقسمه، ولما روي عنه في أهل الرمادة أنه لم يكن قد استبقى لهم في بيت المال ما يسد به خلتهم، حتى انتظر بهم ما يأتي من مال بعد مال إلى أن استقلوا فرحلوا، فعلى هذا في حكم رده عليهم وجهان:
أحدهما: أنه يرد عليهم معونة لهم لا يحتسب بها عليهم.
والثاني: يرد عليهم سلفاً معجلاً، يحتسب به عليهم من وزق العام القابل والله أعلم.
مسألة (1)
قال الشافعي: "وإن ضاق عن مبلغ العطاء فرقأ بينهم بالغاً ما بلغ لم يحبس عنهم منه شيء".
قال في الحاوي: إذا ضاق مال الفيء عن أرزاق الجيش وجب أن يقسمه بين جميعهم على قدر أرزاقهم، كما لو ضاقت أموال المفلس عن ديون غرمائه قسم بينهم على قدر ديونهم، ولا يجوز أن يعطى ذلك بعض الجيش كما لا يجوز أن يعطى ذلك مال المفلس بعض الغرماء لاستوائهم في الاستحقاق ثم ينظر في الباقي من أرزاقهم.
فإن قيل: إن مال الفيء ملك للجيش سقط الباقي من أرزاقهم ولم يلزم أن يقضوه من عام قابل، ولكن ينبغي للإمام أن يعوضهم من الغنائم ما يتممون باقي كفاياتهم.
وان قيل: إن مال الفيء مصروف في المصالح كان الباقي من أرزاق الجيش، ديناً على بيت المال يقضونه في المستقبل من بيت المال، وان عوضوهم بمغنم قبله كان أولى.
مسألة (2)
قال الشافعي: "ويعطى من الفيء رزق الحكام وولاة الأحداث والصلاة لأهل الفيء وكل من قام بأمر أهل الفيء من والٍ كاتب وجندي ممن لا غناء لأهل الفيء عنه رزق مثله فإن وجد من يغني غناءه وكان أميناً بأقل لم يزد أحداً على أقل ما يجد، لأن منزلة الوالي من رعيته منزلة والي اليتيم من ماله لا يعطى منه عن الغناء لليتيم إلا أقل ما