بني فهر بن مالك فلما رأى من تقدم عليه قال: أكل هذا يدعى أمامي، فقال له عمر: يا أبا عبيدة اصبر كما صبرت أو كلم قومك، فمن قدمك منهم على نفسه لم أمنعه، فأما أنا وبنو عدي فنقدمك على أنفسنا إن أحبت ثم دعا بعد بني لؤي بن غالب بن غالب بن فهر. ثم دعا بعدهم بني فهم بن مالك حتى استكمل قريشاً واختلف النسابون من علماء الشرع من قريش على قولين:
أحدهما: أنهم بنو فهر بن مالك فمن تفرق نسبه من فهر فهو من قريش ومن جاوز فهر بن مالك بنسبه فليس من قريش وهذا قول ابن شهاب الزهري وطائفة.
والثاني: أن قريشاً هم بنو النضر بن كنانة جد فهر بن مالك؛ لأنه فهر بن مالك بن النضر بن كنانة فكل من كان من ولد النضر بن كنانة فهو من قريش ومن جاوز النضر بنسبه فليس من قريش، وهذا قول الشعبي وطائفة أخرى، واختلفوا في تسميتهم قريشاً على ستة أقاويل:
أحدها: أن فهر بن مالك كان اسمه قريشاً وإنما نبزته أمه فهراً لقياً وهذا قول الزهري.
والثاني: أنه سمي قريشاً لأن قريش بن بدر بن مخلد بن النضر بن كنانة كان دليل بني كنانة في تجارتهم، وكان يقال قدمت عير قريش فسميت قريش به، وأبوه بدر بن مخلد هو صاحب بدر الموضع الذي لقي فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قريشاً وهو احتفر بئرها وفيه أنزل الله تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} آل عمران:123 وهذا القول حكاه الزبير بن بكار عن عمر.
والثالث: أنهم سموا قريشاً؛ لأن النضر بن كنانة سمي قريشاً لأنه كان يقرش عن خلة الناس وحاجتهم فيسدها والتقرش هو التفتيش ومنه قول الحارث بن حلزة (1):
أيها الناطق المقرش عنا عند عمرو، فهل له إبقاء
وهذا قول الشعبي.
والرابع: أنهم سموا قريشاً للتجارة لأنهم كانوا تجاراً في رحلتي الشتاء والصيف؛ لأن التجار يقرشون ويفتشون عن أموال التجارة وحكاه الزبير بن بكار.
والخامس: أنهم سموا قريشاً لتجمعهم إلى الحرم بعد تفرقهم لأن قصياً جمعهم إليه والتقرش التجمع ومنه قول الشاعر:
إخوة قرشوا الذنوب علينا في حديث من دهرهم وقديم
وهذا قول أبي عبيدة معمر بن المثنى.