مسألة (1)
قال الشافعي رحمه الله: "وقسم الصدقات كما قال الله تعالى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ} التوبة:60 ثم أكدها وشددها فقال فريضة من الله" الآية وهي سهمان ثمانية لا يصرف منها سهم ولا شيء منه عن أهله ما كان من أهله أحد يستحقه".
قال في الحاوي: وهذا كما قال قم الصدقات يستحق في الأصناف الثمانية، ولا يجوز الاقتصار على بعضها مع وجود جميعها وقال أبو حنيفة يجوز اقتصار أي الأصناف شاء، وإن دفع جميع الزكاة إلى نفس واحدة من صنف واحد أجزأه وقال مالك: يدفعها إلى أمس الأصناف حاجة.
وقال إبراهيم النخعي: إن كثرت الزكاة دفعها إلى الأصناف كلها، كما قال الشافعي وإن قلت دفعها إلى أي الأصناف ساء كما قال أبو حنيفة.
واستدلوا بقوله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} البقرة:271 فجعل تخصيص الفقراء بها خيراً مشكوراً فدل على جوازه، وصرف ذلك في حقه وبقوله تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25)} المعارج:24 - 25 فدل على جواز تفردهم به، وبما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم وأردها في فقرائكم" (2) وبما روي من أن سلمة بن صخر الأنصاري ظاهر من امرأته فذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - عجزه عن الكفارة، فقال له: "انطلق إلي بصدقة بني زريق فلتدفع إليك فأطعم منها وسقاً من تمر ستين مسكيناً، وكل أنت وعيالك بقيتها" (3) فدل نص هذا الخبر على جواز دفعها إلى نفس واحدة عن صنف واحد.
قالوا: ولأن الله تعالى خص الأصناف الثمانية بالذكر كما خص الصنف الواحد بالذكر، فلما لم يلزم استيفاء جميع الصنف فجاز الاقتصار على بعضه لم يلزم استيفاء جميع الأصناف، وجاز الاقتصار على بعضها ويتحرر منه قياسان:
أحدهما: أنها صدقة يجوز أن يخص بها بعض الفقراء فجاز أن يخص بها بعض الأصناف كالكفارات.
والثاني: أن من جاز الاقتصار عليه في الكفارات جاز الاقتصار عليه في الزكواة قياساً على بعض الفقراء.
قالوا: ولأن لو استحق كل صنف منهم سهماً يخصه لما جاز فيمن فقد أن يرد سهمه على من وجد، وفي إجماعهم على جواز ذلك مع فقد بعضهم دليل على