فصل
فأما إذا عدم بعض الأصناف فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يعدموا في جميع البلاد فيسقط بعدمهم ويقسم الصدقة على من وجد منهم فإن كان الباقون من الأصناف خمسة قسمت الزكاة على خمسة أسهم لكل صنف منهم سهم، وإن بقي ثلاثة أصناف قسمت على ثلاثة أسهم لكل صنف سهم.
فإن قيل: أفليس لو وصى بثلثه لثلاثة فقد أحدهما لم يرد سهمه على من وجد فهلا كانت سهام الأصناف هكذا.
قيل: لأن ليس للصدقات مصرف غير الأصناف فلم يجز أن يرد سهم المفقود عليهم والضرب على غيرهم، ولمال الميت مصرف غير أهل الوصايا فلم يرد سهم المفقود عليهم.
والثاني: أن يعدموا في بلد المال ويوجدوا في غير البلاد، فينقسم مال من عدم منهم من بلد المال ثلاثة أقسام: قسم ينقل سهمهم، وقسم لا ينقل سهمهم، وقسم اختلف أصحابنا في نقل سهمهم، فأما من ينقل سهمهم إلى البلاد التي يوجدون فيها فهم الغزاة ينقل سهم سبيل الله المصروف إليهم من بلد المال الذي فقدوا فيه إلى البلاد التي يوجدون فيها من الثغور وغيرها؛ لأنهم يكثرون في الثغور ويقلون في غيرها فلم يكتفوا بسهمهم من صدقات بلادهم، وأما من لا ينقل سهمهم فهم العاملون عليها؛ لأنهم إذا قعدوا قام أرباب الأموال مقامهم فيها؛ ولأن سهمهم يسقط مع الحضور إذا لم يعملوا فكيف بهم إذا قهدوا، وأما من اختلف من أصحابنا في نقل سهمهم فهم باقي الأصناف، وفيهم وجهان:
أحدهما: لا ينقل اعتباراً بتغليب المكان على الصنف ويقسم على من وجد دون من فقد كما يعتبر عدم الماء في جواز التيمم لمكان عدمه، ويعتبر حال ابن السبيل بمكان حاجته.
والثاني: ينقل اعتباراً بتغليب الصنف على المكان فينقل إلى أقرب البلاد التي توجد فيها من فقد من الأصناف، لأن استحقاق الأصناف لها ثابت بالنص واختصاص المكان بها ثابت بالاجتهاد، فإذا تعارض كان تغليب ما ثبت بالنص أولى من تغليب ما ثبت بالاجتهاد والله أعلم بالصواب.
مسألة (1)
قال الشافعي: "ويجمع أهل السهمان أنهم أهل حاجة إلى مالهم منها وأسباب حاجتهم مختلفة وكذلك أسباب استحقاقهم معان مختلفة" قال في الحاوي: وهذا كما قال مال الصدقات لا ينصرف إلا في ذوي الحاجات إلا أنها ضربان: