واللذات وأسرف في الصلاة والهبات لا في بر ولا تقوى فهذا لا يعطى من سهم الغارمين، وله ما يقدر على قضاء دينه منه من ناض أو عقار، لأنه ممنوع من التبذير، فلأن يعود تبذيره على ماله أولى من أن يعود على مال الصدقات، وإن كان فقيراً لا يقدر على قضاء دينه من ناض ولا عقار جاز أن يعطى من سهم الغارمين؛ لأنه منهم في الغرم والحاجة.
وأما القسم الثالث: وهو أن يكون قد أذان في معصية فإن لم يتب منها وكان مصراً على تلك المعصية لم يجز أن يعطى من سهم الغارمين؛ لأنه ممنوع من المعصية فلا يجوز أن يعان عليها بتحمل الغرم فيها، وإن كان قد تاب منها وأقلع عنها لم يجز أن يعطى من سهم الغارمين مع الغني بمال ناض أو عقار؛ لأن ماله في غرم المعاصي أولى من مال الصدقات وفي جواز إعطائه مع الفقر وجهان:
أحدهما: يجوز لبقاء الغرم مع زوال المعصية.
والثاني: لا يجوز لأنه غرم سببه المعصية.
فصل
وأما من أدان في مصلحة غيره فعلى ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يكون قد أدان في إصلاح ذات البين في تحمل دية لنفس أو طرف كف بها فتنة بين قبيلتين وقطع بها حرباً بين طائفتين، فهذا يعطى من سهم الغارمين مع الفقر والغنى الناض والعقار ولا يراعى فيه فقر، ولا اعتبار لرواية سفيان عن هارون بن رباب عن كنانة بن نعيم عن قبيصة بن المخارق: أنه تحمل بحمالة فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله فقال: نؤديها عنك ونخرجها من نعم الصدقة يا قبيصة إن المسألة حرمت إلا في ثلاث: رجل تحمل بحمالة فحلت له المسألة حتى يؤديها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة فاجتاحت ماله فحلت له المسألة فيسأل حتى يصيب قواماً من عيش ثم يمسك ورجل أصابته حاجة وفاقة حتى يشهد له ثلاثة من ذوي الحجى من قومه إن قد حلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش ثم يمسك ما سوى ذلك من المسألة فهو سحت، ولأن ذلك غرم من المصالح العامة فكان أولى من الغرم في المصالح الخاصة، ولأنه لما جاز أن يعطى في الغرم من حاجته إلينا، فأولى أن يعطى في الغرم من حاجتنا إليه.
والثاني: أن يكون قد أدان في صلاح ذات البين في غرم مال كف به فتنة ومنع به حرباً فيجوز أن يعطى مع الفقر والغنى بالعقار وفي جواز إعطائه مع الغنى وجهان:
أحدهما: يجوز كالغرم في الدم لما فيهما من قطع الفتنة.
والوجه الثاني: لا يجوز لأن للدم فضلاً على غيره.
والثالث: أن يكون قد أدان في مصلحة لا تتعلق بقطع فتنة ولا منع حرب كرجل أدان في عمارة مسجد أو جامع أو بناء حصن أو قنطرة أو فك أسرى أو ما جرى مجرى