المكتفون ببعض سهامهم إلا قدر كفاياتهم ونقل عنهم الفاضل من كفاياتهم ثم مذهب الشافعي المنصوص عليه في هذا الموضع وغيره: أن يرد على باقي الأصناف الذين قصرت سهامهم عن كفاياتهم على ما وصفه من المثال في القسمة، وذهب بعض أصحابه إلى أنه ينقل الفاضل من تلك السهام إلى أهلها في أقرب البلاد، ولا يرد على باقي الأصناف لأن لا يفاضل بين الأصناف مع تسوية الله تعالى بينهم، وما ذهب إليه الشافعي أصح لثلاثة معان:
أحدها: أنه لا يجوز العدول بالصدقة عن جيران المال ما وجدوا، وفي هذا عدول عنهم.
والثاني: أنه لما عدم بعض الأصناف وجب رد سهمه على من وجد ولا ينقل، فأولى لي أن يكون الفاضل عن كفاية الموجودين يرد على من احتاج ولا ينقل.
والثالث: أنه لما كانت الوصايا إذا ضاقت ورد بعضهم حصته منها ردت على من بقي ولم ترد على الورثة كانت الصدقة بمثابتها، والله أعلم.
مسألة (1)
قال الشافعي: "أما أهل الفيء فلا يدخلون على أهل الصدقة وأما أهل الصدقة الأخرى فهو مقسوم لهم صدقتهم فلو كثرت لم يدخل عليهم غيرهم وواحد منم يستحقها فكما كانوا لا يدخل عليهم غيرهم فكذلك لا يدخلون على غيرهم ما كان من غيرهم من يستحق منها شيئاً".
قال في الحاوي: وهذا كما قال وهي جملة تشتمل على فصلين:
أحدهما: تمييز أهل الصدقة عن أهل الفيء.
والثاني: تمييز أهل الصدقات بعضهم عن بعض.
فأما تمييز أهل الصدقة عن أهل الفيء فقد ذكرناه، وقلنا لمن قال: الفيء لأهله لا يجوز أن يأخذ منه أهل الصدقات، وأما الصدقة لأهلها، لا يجوز أن يأخذ منها أهل الفيء، وهو قول أهل الحجاز وإن خالف فيه أهل العراق بعد مضي الكلام فيه.
وأما تمييز أهل الصدقات فهو معتبر بحال معطيها، فإن كان رب المال هو المعطي تميزوا بالجواز فإذا أعطى زكاة ماله لأهلها من جيرانه فإن اكتفوا بها لم يجز أن يأخذوا من زكاة غيرهما، وإن لم يكتفوا جاز أن يأخذوا من زكاة أخرى، لأن أرباب الأموال قد يتجاورون فيكون في جيران جميعهم أهلاً لصدقاتهم كلهم، فإن كان العامل هو المعطي فأهل عمله أهل الصدقات التي يجيبها، فإذا فرقها فيهم لم يجز أن يأخذوا من غيرها هن الصدقات سواء اكتفوا بما قد أخذوا من الصدقات أم لا؛ لأنه لا حق لهم في صدقة ليس