والماشية فإن لم يأت الولاة لم يسع أهلها إلا قسمها فإن جاء الولاة بعد ذلك لم يأخذوهم بها وإن ارتابوا بأحد فلا بأس أن يحلفوه بالله لقد قسمها في أهلها وإن أعطوهم زكاة لتجارات والفطرة والركاز أجزأهم إن شاء الله".
قال في الحاوي: قد ذكرنا أن الأموال ضربان: ظاهرة كالثمار، والزروع والمواشي، وباطنه كالدراهم والدنانير وعروض التجارات والركاز وزكاة الفطر فما كان منها باطناً لم يلزمه دفع زكاته إلى الإمام وجاز لأربابها أن يتولوا إخراجها وقسمها في أصلها وإن دفعوها إلى الولاة جاز وما كان منها ظاهراً ففيها قولان:
أحدهما: وهو قوله في الجديد أنها كالباطنة يجوز لأهلها أن يتولوا إخراج زكاتها ولا يلزمهم دفعها إلى الإمام.
والثاني: أن عليهم دفع زكاتها إلى الإمام أو عامله عليها، ولا يجوز لأربابها أن يتولوا إخراجها بأنفسهم مع القدرة على دفعها إلى الإمام أو عامله عليها، وبه قال مالك وأبو حنيفة وقد مضى توجيه القولين.
فإن تأخر الإمام وعامله وتعذر على أرباب الأموال دفع زكاتهم إليه فهل لهم على القول القديم إخراجها بأنفسهم أم لا على وجهين:
أحدهما: لا يجوز وتكون محبوسة عليه حتى يأتي فيتولى إخراجها لأن من استحق قدر مال لم يجز أن يدفع إلى غيره لتأخره كالديون.
والثاني: وهو ظاهر نصه في هذا الموضع يجب على أهلها تعجيل إخراجها بأنفسهما إذا تأخر الوالي عنهم؛ لأنه مستحق لجهات يمكن إيصاله إليها والوالي نائب، وتأخر الوالي النائب لا يوجب تأخر الحق كالوالي والوكيل، فإذا أخرجها أربابها عند تأخر الوالي ثم حضر فأخبروه بإخراجها فالقول قولهم وله إحلافهم إن استراب بهم، وفي هذه اليمين وجهان:
أحدهما: أنها مستحقة، فإن نكلوا عنها لم تؤخذ منهم الزكاة.
والثاني: أنها واجبة فإن نكلوا عنها أخذت منهم الزكاة بالوجوب المتقدم لا بالنكول وقد مضى تعليل ذلك في كتاب الزكاة.
مسألة (1)
قال الشافعي: "إنما يستحق أهل السهمان سوى العاملين حقهم يوم يكون القسم".
قال في الحاوي: اعلم أن الشافعي قد نص في هذا الموضع على أن استحقاق أهل السهمان للزكاة يكون يوم القسم ونص في كتاب الزكاة أنها إذا وجبت في قرية فمات أحد