زيادة السوق كانت بعد البلى فلا شيء عليّ، وقال المالك: كانت حين الاستعمال قبل البلى فالقول قول الغاصب لأنه غارمٌ، ولو غصبه ثوباً ثم هلك في يده وقد كانت السوق زادت ونقصت فاختلفا فقال المالك: زادت قبل التلف فعليك الزيادة، وقال الغاصب: بل بعد التلف فلا أضمن الزيادة فالقول قول الغاصب لأنه غارمٌ.
وقال ابن سريج: هذا مخرَّجٌ وفيه نظر قال أصحابنا: هذا صحيح لا نظر فيه لأنه لا شبهة في أن القول قول الغارم عند الاختلاف والأصل براءة الذمة. وأما إذا باعه الغاصب فأبلاه المشتري وهي المسألة الثانية فالكلام فيها في ثلاثة فصول أيضاً في الواجب ومن يضمن الواجب والرجوع فيه، فأما الواجب فكل ما حصل بفعل المشتري فالحكم فيه كما لو حصل في يد الغاصب وقد ذكرناه، وأما من يضمن فكل ما حصل بفعل الغاصب قبل إقباضه فالضمان عليه وحده لا يرجع به على المشتري وما حصل بفعل المشتري فللمالك أن يرجع به على من شاء منهما من المشتري والغاصب. 25/ب فإن قيل: فما تقولون في نقل المزني ها هنا أخذه من المشتري وما بين قيمته صحيحاً يوم غصبه وبين قيمته وقد أبلاه فاعتبر قيمته يوم الغصب في تغريم المشتري وهذا يوجب ضمان النقصان الحادث في يد الغاصب على المشتري؟ قلنا: صوَّر الشافعي المسألة حيث يستوي قيمته يوم الغصب وقيمته قبض المشتري لا بحيث يفضل قيمته يوم الغصب قيمته يوم القبض.
والثاني: لعل الشافعي سمى قبض المشتري غصباً لأنه يضمن بالقبض ما يضمن الغاصب بالغصب فلا يبعد أن يسمى قبضه بهذا الاسم.
والثالث: تأويله أنه غصبه وباعه في الحال ولم يحدث في يد الغاصب نقص.
والرابع: لم يرد به الرجوع على المشتري بل أراد به أن للمالك الرجوع بذلك وعلى من يرجع فإنه على ما بينه في غير هذا الموضع قال أبو حامد: وقد ذكر في "الأم" ما يدل على هذا فقال: يأخذه من المشتري وله ما بين قيمته صحيحاً يوم غصبه وقيمته وقد أبلاه فقد أخبر أن هذا للمالك ولم يقل على من يرجع به المالك، وقد حذف المزني قوله: وله.
والخامس قال القاضي أبو علي البندنيجي: كل هذا ظلم والمزني إنما قال: وله ما بين قيمته يوم قبضه ولم يقل يوم غصبه وغلط الكاتب، وأما الكلام في الرجوع فإن ضمن المشتري هل يرجع على الغاصب؟ فهو على ما ذكرنا في أرش النقص لا يرجع وفي الأجرة قولان، وإن ضمن الغاصب فعلى ما ذكرنا.
فرع
لو تزوج بجارية ووطئها ثم استحقت وغرم الناكح مهر المثل، قال بعض أصحابنا بخراسان: لا يرجع به على الغاصب المزوّج قولا واحداً بخلاف المشتري ها هنا على أحد القولين فإنه يرجع به على الغاصب، والفرق أن الزوج دخل في العقد على أن يضمن منافع البضع بالعوض والمشتري لم يدخل على أن يضمنه قال: ويفارق أيضاً