الوجه الثالث: يضمن أغلظ الآمرين.
فرع آخر
لو غصب أرضاً وطرح فيها تراباً فزادت قيمتها به ولا يمكن نقلها لاختلاطها وبسطها فيه فإن كان نجساً كالأرْواث والكسايح النجسة فلا شيء للغاصب فيها، وإن كان طاهراً فيه وجهان أحدهما: أنه مستهلك لا شيء له فيه لاستهلاكه إياه بنفسه فيما لا يتميز عنه، والثاني: يكون شريكاً في ثمن الأرض بقدر ثمن التراب كما نقول في صبغ الثوب بصبغ من عنده.
مسألة (1): قال: "ولو غصبَ جاريةً فهلكتْ فقال الغاصبُ: ثمنها عشرة".
الفصل
وهذا كما قال: إذا غصب جاريةُ أو عبداً أو غيره فتلف في يده قد ذكرنا أنه تلزمه قيمته أكثر ما كانت من حين القبض إلى حين التلف، وقال أبو حنيفة: تلزمه قيمتها يوم الغصب 33/ب لأن ما زاد فيها لا يصير مغصوباً، وقال أحمد: يعتبر قيمتها يوم التلف لأن زيادة السوق لا تضمن مع بقاء العين فكذلك بعد التلف وهذا غلط لأنه مخاطبٌ بردها في كل وقت، فإذا فات الرد ضمنها بقيمتها في جميع زمان وجوب الرد، فإذا تقرر هذا لو اختلف الغاصب والمالك في قدر قيمتها فالقول قول الغاصب لأنه غارم والقول في الأصول قول الغارم لأن الأصل براءة الذمة فإن حلف برئ، وإن نكل عن اليمين ردت اليمين على المالك فإن حلف استحق ما يدعيه من القيمة، فإن قيل: أليس قلتم: لو أعتق شقصاً من عبدٍ واختلف هو والشريك في قدر قيمة نصيب الشريك الذي سرى إليه العتق القول قول الشريك الذي لم يعتق، وإن كان الغارم هو الشريك المعتق قيل: متى يسري العتق؟ فيه أقوال:
أحدهما: يسري باللفظ فعلى هذا القول قول المعتق لأنه غارم.
والثاني: يسري باللفظ ودفع القيمة.
والثالث: أنه موقوف على أداء القيمة فعلى هذين القولين القول قول الشريك الذي لم يعتق لأنا لا نزيل ملكه إلا بما يقوله ولهذا نقول: المشتري والشفيع إذا اختلفا في مقدار الثمن كان القول قول المشتري لأنا لا نزيل ملكه عما اشتراه إلا بما يقر به.
فرع
لو حلف الغاصب ثم أقام المالك بينةً أن القيمة ما ادعاه فالبينة العادلة أولى من اليمين الفاجرة.
فرع آخر
لو أقام المالك شاهدين فشهدا أن قيمته كانت ألفاً قبل الغصب لم يحكم بها، وقال