نزع، وإن كان يفحش لم يذع لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "حرمة ابن آدم بعد موته كحرمته في حياته هكذا ذكر في "الحاوي" (1)، وقال بعض أصحابنا بخراسان: هل ينزع بعد موته وجهان؟ والأصح أنه لا ينزع بحالٍ.
مسألة (2) قال: "ولو غصبَ طعاماً فأطعمه من أكله".
الفصل
وهذا كما قال: إذا غصب طعاماً ثم أطعمه 44/ب إنساناً لا يخلو إما أن أطعمه غير المالك أو أطعمه المالك فإن أطعمه غير المالك فالكلام في ثلاثة فصول في الضمان وقدره والرجوع، وأما الضمان فله أن يضمن من شاء منهما من الغاصب والآكل لآنه أتلف مال غيره من غير إذنه والغاصب أخذه من غير إذنه. وأما قدر الضمان يطالب الغاصب بأكثر ما كانت قيمته من حين الغصب إلى حين قبضه الآكل وأكله أو يطالب الآكل بأكثر ما كانت قيمته من حين قبضه إلى أن أكله ولا يضمنه ما حصل في يد الغاصب على ما ذكرنا فيما تقدم.
وأما الكلام في الرجوع لا يخلو الغاصب حين أطعمه من ثلاثة أحوال إما أن يقول: كل وأطلق أو يقول: كل فإنه لفلان غصبته منه أو كُل فإنه مالي فإن قال: كُل وأطلق أو قال: قد وهبته لك فحكمهما سواء هل يرجع الآكل على الغاصب؟ قولان أحدهما: لا يرجع لأنه دخل فيه على أن لا يكون مضمونا عليه، والثاني: لا يرجع لأنه أتلفه في منفعة نفسه وهذا أشبه وهو بمنزلة الرجوع بالمهر على الغاصب إذا غرمه المشتري قولان على ما ذكرنا، وإن غرم الغاصب هل يرجع على الآكل؟ قولان:
فإن قلنا: إذا غرم الآكل لم يرجع على الغاصب لا يرجع الغاصب على الآكل.
وإن قلنا: إذا غرم الآكل يرجع على الغاصب لا يرجع الغاصب على الآكل، وقال البصريون من أصحابنا: لو أذن له بأكله فأكله من غير هبةٍ وإقباض يرجع الآكل على الغاصب قولاً واحداً، والقولان إذا أكله بعد الهبة والإقباض فعلى هذا لو غرم الغاصب لا يرجع به على الآكل قولاً واحداً وإن قال: كُلْه فإني غصبته فللمالك أن يرجع على من شاء على ما ذكرنا ثم إن رجع على الغاصب رجع الغاصب على الآكل قولاً واحداً، وإن رجع على الآكل لم يرجع به على الغاصب قولاً واحداً لأنه لم يغرم وإن قال: كُله فهو ملكي فإن رجع على الغاصب فغرم لم يرجع به على الآكل قولاً واحداً لأنه يقول أكلت ملكي فلا أرجع به عليك وإن رجع 45/أ على الآكل هل له الرجوع على الغاصب؟ قولان وان أطعمه المالك فإن كان يعلم أنه طعامه فقد برئ من ضمانه، وإن لم يعلم فيه قولان:
أحدهما: لا يبرأ من ضمانه وهو الصحيح المنصوص لأنه أكله على أنه مال المطعم ولم يأكله على أنه مال نفسه فلا يبرأ من ضمانه.
والثاني: حكاه الربيع عنه أنه يبرأ من ضمانه لأنه باشر إتلافه بنفسه فلا يجوز أن