كان غائبًا وكل الحاكم من يقبض له ثم حكم للشفيع بأخذه منه، والثاني: وهو اختيار ابن سريج له أخذه قبل قبضه من البائع لأنه جبرًٍا ويبرأ البائع من ضمانه بقبض الشفيع لأنه يأخذه بحق توجه على المشتري.
مسألة: قال: "فإن اختلَفا في الثمنِ فالقولُ قولُ المشتري معَ يميِنه".
وهذا كما قال: إذا اختلف الشفيع والمشتري في قدر الثمن لم يخل من ثلاثة أحوال إما أن يكون مع أحدهما: بينة، أو مع كل واحدٍ منهما بينة، أو لا بينة مع واحدٍ منهما فإن كان مع أحدهما: بينة أقامها فإذا ثبت المقدار بالبينة أخذها الشفيع به سواء كان الشفيع صاحب البينة أو المشتري ويقبل في ذلك ما يقبل في شهادة الأموال، وإن لم يكن هناك شاهد غير البائع لا تقبل شهادته لواحدٍ منهما لأنه متهم في حق كل واحدٍ منهما لأنه يجرّ إلى نفسه نفعًا إذا شهد للشفيع، لأنه لو وقع الاستحقاق رجع المشتري عليه بألفٍٍ وإذا شهد المشتري شهد على فعل نفسه.
وهذا كما ذكرنا أبو حامد في الجامع لو ادعى الشفيع الشراء على المشتري وأنكر المشتري وقال: ورثته من أبي فشهد البائع للشفيع وكان عدلاً لا يحلف معه لأنه يشهد على فعل نفسه قال القفال: ولو شهد البائع للشفيع قبل قبض الثمن تقبل شهادته لأنه يشهد على فعل نفسه وأصحابنا في العراق ينكرون هذا وقالوا: لا تقبل شهادته له بحال لأنه على فعل نفسه أيضًا فترد شهادته للشفيع لمعنيين وللمشتري لمعنى واحد، وإن كان مع كل واحد منهما بينة على ما ادعاه من الثمن قال أبو حامد: البينة بينة الداخل وهو المشتري لأن الملك في يديه ويكون الحكم فيه كما لو كانت البينة معه وحده وقد مضى حكمه.
وقال القاضي الطبري وجماعة: تعارضت البينتان لأن بينة الشفيع تشهد أنه يستحق الشقص بألف وبينة المشتري تشهد أنه 68/ ب يستحق تسليم الشقص إليه بألفين فقد حصل التعارض في البينتين المتعارضتين، قال الشافعي: قولان أحدهما: تسقطان فعلى هذا سقطتا ويكون القول قول المشتري مع يمينه، والثاني: تستعملان وفي كيفية الاستعمال ثلاثة أقوال: الوقف والقسمة والإقراع فيقرع ها هنا فمن خرجت القرعة على بينته هل يحلف مع قرعته؟ قولان:
أحدهما: يحلف لقد شهد شهوده بحق.
والثاني: لا يحلف لئلا يؤدي إلى إبطال القرعة وهذان القولان من اختلاف قوليه في القرعة هل جاءت مرجحة للدعوى أو للبينة؟ وخالف أبو حنيفة ومحمد بينة الشفيع أولى للاتفاق عليه، وقال أبو يوسف: بينة المشتري أولى لأن فيها زيادة علم، وإن لم يكن مع واحد منهما بينة فالقول قول المشتري مع يمينه لأن الملك في الحال له فكان القول قوله في بدله.