إسحاق: هذه العلة غير صحيحة لأنها لو صحت لبطل عقد المساقاة لأن العامل لا يعلم أبدًا قدر علمه وبالإجماع يجوز ولوجب إذا جعل ذلك العمل معلومًا أن يجوز، ولوجب إذا أعاره الغلمان لا يجوز، وقال في "الحاوي": العلة الصحيحة أن اشتراط عمل رب المال يقتضي لزوم ذلك ولا يلزم الإنسان العمل في ماله وعمل غلمانه حق تعلَّق بماله كما 146/ ب يتعلق به غير ذلك من الحقوق فجاز، وعلى هذا لو شرط العامل على رب المال عملًا معلومًا كالسقي والتلقيح لا يجوز على هذه العلة وعلى ما علل المزني يجوز لانتفاء الجهالة عنه.
مسألة: قال: "ولو ساقاهُ على النصفِ على أنْ يساقيهِ في حائطٍ آخرَ على الثلث لم يجز".
وهذا كما قال: إنما لم يجز هذا لأنه عقد معه عقدًا وشرط عقدًا آخر فصار كبيعتين في بيعة، وهكذا لو قال: ساقيتك في هذا على النصف على أن تساقيني أنت في نخيلك على النصف لم يجز كما لو قال: بعتك عبدي بكذا على أن تبيعني دارك بكذا، ثم المساقاة الثانية جائزة لأنها خالية على الشرط إلا أن تجعل إيجاب أحد العقدين إيجابًا للآخر فلا يجوز، ولو قال: ساقيتك عليهما على أن لك النصف من هذا والثلث من هذا جاز لأنه يجوز أن تجمع صفقة واحدة شيئين مختلفين بعوضين مختلفين كما لو قال: بعتك هذا العبد وهذا العبد بثلاثة آلاف درهم هذا بإلفٍ وهذا بألفين جاز.
فرع
إذا فسدت المساقاة للعامل أجر مثله ربح أو خسر وذكرنا عن مالك أنه إن خسر في القراض الفاسد لا يكون للعامل أجر المثل ومثله نقول في المساقاة.
فرع آخر
أجر المثل فيهما يختلف باختلاف المال ويعتبر بأجرة مثله في الإجارة، وحكي عن مالك أنه قال: إذا حصل الربح في القراض يعطي أجر المثل من الربح ومعناه أنه إن قارضه على النصف قراضًا فاسدًا، وقال أهل العلم: بذلك التصرف إنما يعامل في مثل هذا العمل على الثلث فله ثلث الربح لا أجر مثل عمله ومثله نقول في المساقاة الفاسدة وهذا غلط لأنه أتلف منافع نفسه على شرط العوض فإذا لم يسلم له ذلك العوض فله أجر مثله كما في الإجارة.
مسألة: قال: "فإن ساقاهُ أحدهما على نصفِ نصيبه، والآخرُ على ثلثِ نصيبهِ".
الفصل
وهذا 147/ أ كما قال: صورة المسألة إذا كان بستان بين رجلين فساقى أحدهما: