الفصل
وهذا كما قال: إذا قال: ساقيتك على أنك إن سقيته سيحًا أو بماء سماءٍ فلك الثلث، وإن سقيته بنضحٍ أو غربٍ فلك النصف فالمساقاة باطلة كما لو قال في القراض: قارضتك على أنك إن ربحت في البرّ فلك الثلث، وإن ربحت في التمر فلك النصف كان باطلًا والثمرة لرب النخل وللعامل أجر المثل.
مسألة: قال: "وإن اشترطَ الداخلُ أنَّ أجرة الأجزاءِ من الثمرةِ".
الفصل
وهذا كما قال: صورة المسألة أن يشترط العامل أن الغلمان يعملون معه وتكون أجرتهم من الثمرة كانت المساقاة فاسدة بلا خلافٍ لأن مقتضى المساقاة أن يكون العمل كله على العامل فإذا شرط أن يعمل معه غيره وتكون أجرته من الثمرة فقد أسقط عن نفسه بعض العمل فلا يجوز، ولأنه لا يجوز تعليق الأجرة على ثمرةٍ معدومة ولم تخرج، ولأنه إذا كان العمل عليه يصير بهذا الشرط كأنه شرط لنفسه شيئًا خاصًا منها ولو شرط لنفسه صاعًا والباقي بينهما لا يجوز مع أن الصاع معلوم فالمجهول أولى أن لا يجوز وهكذا لو كان الأجراء غير الغلمان، ولو سمى فقال: لك النصف وللأجير الذي تستأجره السدس، قال بعض أصحابنا: يجوز وكأنه شرط للعامل ثلثي الثمرة وعندي ليس على هذا الإطلاق بل هو على ما ذكرنا فيما سبق إذا شرط الربح في القراض للزوجة أو الأجنبي وقد ذكرنا حكمه.
مسألة: قال: "ولو ساقاه على وديِّ لوقتٍ يعلمُ أنه لا يثمر إليه".
الفصل
وهذا كما قال: الودي الفسيلان التي لم تدخل في الحمل فإذا ساقاه عليها لا يخلو من أحد أمرين إما أن يكون غير مغروس، أو يكون مغروسًا، فإن كان غير مغروس فقال له: خذ هذه الفسلان واغرسها وقد ساقيتك عليها فهذا لا يجوز، لأن المساقاة لا تجوز إلا على أصول ثابتة، وإن كانت مغروسة ثابتة لا تخلو من ثلاثة أحوال:
إحداها: أن يساقيه إلى وقتِ يُعلم أنها لا تثمر فيه فهذا لا يجوز فإن عمل فلا أجرة له على قول المزني لأنه متبرع 151/ ب بعمله وقد ذكرنا وجهًا آخر أنه يستحق الأجرة.
والثانية: أن يساقيه إلى وقتٍ الظاهر أنها تثمر فيه فالمساقاة صحيحة فإن أثمرت استحق ما شرطه، وإن لم تثمر فلا أجرة له لا يختلف أصحابنا فيه لأنه دخل فيه على أن تكون أجرته من الثمرة، فإذا لم تثمر والعقد صحيح لم يستحق شيئًا، وعلى هذا لو ساقاه عشر سنين والظاهر أنها تثمر في السنة الأخيرة جاز وأكثر ما فيه أنه رضي ببذل.