في يده بغير فعله ففي وجوب الثواب عليه قولان:
أحدهما: لا يجب عليه الثواب, لأنه إنما يجب أن يكافئ ويثيب في الحال التي إن رد ولم يثب فعلى هذا تتلف غير مضمونة عليه.
والثاني: أن الثواب واجب عليه لاستحقاقه بالعقد, فإن أثاب وإلا ضمنها بالقيمة لتلفها عن بدل فائت.
فصل:
وإن اشترط الواهب الثواب على هذا القول فلا يخلو أن يشترطه معلومًا أو مجهولًا فإن اشترطه مجهولًا صحت الهبة ولزم الشرط, لأنه يوجب العقد, ثم حكي هذه الهبة والثواب على ما مضى, وفيه ثلاثة أقاويل غير أن الهبة لو تلفت في يده مع هذا الشرط قبل الثواب لزمه أن يثيب أو يضمن القيمة قولًا واحدًا, وإن اشترط الثواب معلومًا ففيه قولان:
أحدهما: جائز, لأن ما منع عن الجهالة كان أولى بالصحة وله ما اشترط, ويكون الفرق بينه وبين البيع أنه في الهبة يشترط الثواب المعلوم يكون مخيرًا بين دفع الثواب وبين رد الهبة وفي البيع يلزمه دفع الثمن ولا خيار له في الرد ما لم يكن خيار أو عيب, ثم هما فيما سوى ذلك على سواء.
والثاني: وهو قول أبي ثور أن الهبة باطلة لخروجها عن حكم الهبات المطلقة والبيوع اللازمة, فعلى هذا تكون مضمونة ضمان البيع الفاسد على ما مضى.
فصل:
هبة المريض في الثلث, فإن احتملها الثلث أمضيت وإلا ردت, لأنها في حكم الوصية, وإن احتمل الثلث بعضها أمضى منها قدر ما احتمله الثلث إلا أن يجيزه الوارث فيصح في الجميع, فلو وهب في الصحة وأقبض في المرض فهي هبة في المرض؛ لأنها بالقبض فيه تمت فلو اختلفا فقال وارث الواهب هي في المرض وقال الموهوب له في الصحة، فالقول قول الوارث مع يمينه؛ لأن الأصل فيها عدم لزوم فلو مات الواهب قبل القبض ففيها قولان:
أحدهما: أن وارثه بالخيار بين إقباضها بالعقد الماضي أو المنع.
والثاني: أن العقد قد بطل بالموت, فإن أحب إمضاء الهبة استأنف عقدًا وقبضًا.
فصل:
وإذا دخل المسلم دار الحرب فوهب له أهلها هبة قبلها وقبضها، ولم يغنمها المسلمون إن ظفروا بها، وفرق أبو حنيفة بين ما ينقل فيها وما لا ينقل، فجعل ما ينقل مملوكًا وما لا ينفع مغنومًا، استدلالًا بما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: من منحه المشركون أرضًا فلا أرض له وهذا إن صح عنه محمول على العارية دون الهبة.