المحيي، وفي سقوط الثمن عن المشتري وجهان حكاهما ابن أبي هريرة.
أحدهما: وهو اختياره أن الثمن قد سقط عنه، لأنه من قبل المبيع صار مستهلكاً قبل استقرار الأرض بالإحياء وإذا قيل ببطلان البيع على الوجه الثاني فإن أحياها غير المشتري فإن تغلب عليها فهي ملك للمحيي ولا شيء على المشتري، فإن أحياها المشتري نظر فإن كان بعد أن حكم بفسخ البيع فهي ملك للمشتري لمحيي، وان كان لجر الحكم يفسخ البيع ففيه وجهان:
أحدهما: أنها ملك للمشتري أيضاً، لأن بإحيائها صارت ملكاً كما لو كان المحيي متغلباً.
الثاني: أنها ملك للبائع المحجر, لأن المشتري قصد أن يملكها بالثمن دون الإحياء فإذا لم يلزمه الثمن لفساد البيع لم يحصل له الملك.
فصل:
الرابعة: أن يمسكها المحجر بيده مواتاً لا يأخذ في عمارتها فينظر فإن كان في ترك العمارة معذوراً ترك ولم يعترض عليه فيها, وان أخر العمارة غير معذور فعلى السلطان أن يقول له: إن أحييتها وأخذت في عمارتها وإلا رفعت يدك عنها وخلينا بينها وبين من يحميها ويعمرها، لأن لا يصير مضراً بالحمى وتعطيل العمارة.
وقال أبو حنيفة: يؤجل ثلاثة سنين لا نخاطب فيها فإن لم يحمها حتى مضت السنين الثلاث فلا حق له فيها، استدلالاً بأن عمر رضي الله عنه جعل أجل الإقطاع ثلاث منين، وهذا القول لا وجه له، وعمر رضي الله عنه إنما جعل ذلك في بعض الأحوال المصلحة رآها ولم يجعل ذلك أجلاً شرعياً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقدر فيها أجلاً, فلو أن المحجر حين أمره السلطان بالإحياء أو رفع يده سأل التأجيل والإنظار أجله مدة قريبة إن ظهر له إعذار ويرجى قرب زوالها من إعداد آلة أو جمع رجال أو قدم مال قريب الغيبة، ولا يؤجل ما يطول زمانه أو ما لا تظهر فيه أعذاره وبالله التوفيق.
باب ما يجوز أن يقطع وما لا يجوزمسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: "مَا لَا يَمْلِكُهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ يُعْرَفُ صِنْفَانِ:
أحدهما مَا مَضَى, وَلَا يَمْلِكُهُ إِلَّا بِمَا يَسْتَحْدِثُهُ فِيهِ، وَالثَّانِي مَا لَا تُطْلَبُ الْمَنْفَعَةُ فِيهِ إِلَّا بِشَيْءٍ يَجْعَلُ فِيهِ غَيْرَهُ، وَذَلِكَ الْمَعَادِنُ الظَّاهِرَةُ وَالْبَاطِنَةُ، مِنَ الذَّهَبِ وَالتِّبْرِ، وَالْكُحْلِ وَالْكِبْرِيتِ، وَالْمِلْحِ وَغَيْرِهِ".