واحدًا لبيعها في حقه. فلو أراد بعد بيعها لمالكها أن يتملك ثمنها لم يكن له ذلك وجهًا واحدًا: بخلاف ما لو أراد أن يتملكها بعينها بعد إمساكها أمانة في أحد الوجهين لأن الثمن قد خرج عن حكم الضوال ولم تخرج هي مع بقائها عن أن تكون ضالة.
فلو كانت الضالة عبدًا فإن كان كبيرًا فكالبعير لا يتعرض لأخذه وإن كان صغيرًا كالشاة يأخذه ويملكه إن شاء لو كانت أمة صغيرة ففي جواز تملكه لها وجهان:
أحدهما: يجوز كالعبد الصغير.
والثاني: لا يجوز كما لا يجوز قرض الإماء وإن جاز قرض العبد لأنها ذات فرج فكان حكمها أغلظ فعلى هذا إتباع على مالكها إن كان البيع أحظ. ثم هل يجوز للواجد أن يتملك ثمنها أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: لا يجوز كالأصل.
والثاني: يجوز لأن معنى الأصل مفقود في الثمن. فلو كان عبدًا فباعه الواجد له ثم حضر المالك فذكر أنه كان قد أعتقه قبل البيع. قال الشافعي القول قوله وعليه اليمين إن طلبها المشتري لأنه مقر في ملك لم يزل قال الربيع وفيه قول آخر إن قوله غير مقبول لأن بيع الواجد كبيعه في اللزوم: فعلى ما نص عليه الشافعي من قبول قوله يكون البيع باطلًا ويصير العبد حرًا ويلزم بائعه الواحد أن يرد ثمنه على المشتري سواء باعه في حق المالك أو في حق نفسه، ولو كان الواجد قد باعه في حق المالك وضاع الثمن من يده بغير تفريط رجع المشتري به على الواجد القابض له فلم يكن للواجد أن يرجع على المالك بثمن ما قد حكم بنفوذ عتقه، فأما على القول الذي خرجه الربيع أن قول المالك فيه غير مقبول فيكون البيع نافذًا إن حلف المشتري عليه والعبد على رقه للمشتري ثم ينظر فإن كان الواحد قد باعه في حق نفسه فله أن يتملك الثمن ما لم يصدق المالك ولا يلزمه غرم القيمة لادعاء المالك حريته التي يسقط معها استحقاق قيمته.
وإن كان الواجد قد باعه في حق المالك كان الثمن موقوفًا في يديه بين المشتري والمالك فإن عاد المشتري فأكذب نفسه وأقر بالعتق فله استرجاع الثمن ويحكم بحرية العبد، وإن عاد المالك فأكذب نفسه وأقر ببقاء الرق ففي قبول قوله في تملك الثمن وجهان:
أحدهما: لا يقبل قوله في ملك الثمن كما لا يقبل قوله في استرقاق ما أقر بحريته.
والثاني: أن يقبل قوله في تملك الثمن وإن لم يقبل قوله في استرقاق ما أقر بحريته لبقاء الملك على الثمن وزواله عن الحر والله أعلم.
مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: «وَيَاكُلُ اللُّقَطَةَ الغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ وَمَنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ