وقال بعض أصحابنا تكون كسبًا للعبد لأنها قبل التعريف أمانة وبعد التعريف كسب والله أعلم.
مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: «وَإِنْ كَانَ حُرًّا غَيْرَ مَامُونٍ في دِينِهِ فَفِيهَا قَوْلَانِ أحدهما أَنْ يَامُرَ بِضَمِّهَا إِلَى مَامُونٍ وَيَامُرَ المَامُونَ وَالْمُلْتَقِطَ بِالإِنْشَادِ بِهَا. وَالقَوْلُ الآخَرُ لَا يَنْزَعُها مِنْ يَدَيْهِ وَإِنَّمَا مَنَعْنَا مِنْ هّذَا القَوْلِ لأَنَّ صَاحِبَهَا لَمْ يَرْضَهُ. قَالَ المُزَنِيُّ: فَإِذَا امْتَنَعَ هَذَا القَوْلِ لِهَذِهِ العِلَّةِ فَلَا حَوْلَ لَهُ إِلَّا الأَوَّلُ وَهُوَ أَوْلَى بِالحَقِّ عِنْدِي وَباللهِ التَّوْفِيقُ. قَالَ المُزَنِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: وَقَدْ قَطَعَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِأَنَّ عَلَى الإِمَامِ إِخْرَاجَهَا مِنْ يَدِهِ لَا يَجُوز فِيهَا غَيْرُه وَهَذَا أَوْلَى بِهِ عِنْدِي».
قال في الحاوي: وهذا كما قال إذا كان واجد اللقطة غير مأمون عليها ففيه قولان منصوصان:
أحدهما: أنها كسب لواجدها وإن كان غير مأمون كالركاز فتقر في يده ولا تنتزع منه فعلى هذا اختلف أصحابنا هل يضم إليه أمين يراعيها معه حفظًا لها أم لا على وجهين:
أحدهما: وهو قول أبي على بن هريرة أنه لا اعتراض عليه فيها بحال ويكون هو المقيم بحفظها وتعريفها من غير أن يكون لغيره نظر فيها، والوجه الثاني وهو قول أبي علي الطبري في «الإفصاح» أن الحاكم يضم إليه أمينًا يراعي حفظها في يد الواجد استظهارًا للمالك وإن لم تنتزع لما تعلق بها من حق الواجد.
والثاني: وهو الأصح واختاره المزني: أن الحاكم ينتزعها من يد الواجد إذا كان غير مأمون عليها، ويدفعها إلى من يوثق به من أمنائه؛ لأن الحاكم مندوب إلى حفظ أموال من غاب، ولأن مالكها لم يرض بذمة من هذه حالة، ولأن الوصي لما وجب انتزاع الوصية من يده لفسقه مع اختيار المالك له فلأن يخرج يد الواجد الذي لم يختره أولى. فعلى هذا القول إذا أخرجها الحاكم من يده إلى أمين يقوم بحفضها ففي الذي يقوم بتعريفها قولان:
أحدهما: رواه المزني أن الأمين هو الذي يقوم بتعريفها خوفًا من جناية الواجد في تعريفها.
والثاني: في «الأم»: أن الواجد هو المعرف دون الأمين؛ لأن التعريف من حقوق التمليك وليس فيه تقرير، لأنها لا تدفع بالصفة فإذا عرفها حولًا ولم يأت صاحبها، فإن أراد الواجد أن يتملكها سلمت إليه وأشهد الحاكم عليه بغرمها إذا جاء صاحبها وإن لم يختر أن يتملكها كانت في يد الأمين.