النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة شيء منه. ولو صح لكان محمولًا على أحد وجهين إما على اشتراط ذلك لمن جاء به خاصة قبل المجيء ليصير مستحقًا للجعل بالشرط، وأما لتقرير بأجرة المثل في الجعالة لا فاسدة وأما ما ذكروه من الإرفاق والمصلحة فمنتقض بالطعام والعلف.
فصل: فأما رد الضالة عن أمر مالكها فضربان:
أحدهما: أن يجعل له عند الأمر بردها عوضًا، فذلك مستحق فإن كان عوضًا معلومًا وعقدًا صحيحًا استحقه، وإن كان عوضًا مجهرلًا وعقدًا فاسدًا استحق أجرة المثل قال الله تعالي: {قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ المَلِكِ ولِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} يوسف: 72 وكان حمل البعير عندهم معلومًا كالوسق. والضرب الثاني أن لا يذكر مع الأمر بالرد عوضًا لا صحيحًا ولا فاسدًا، بل قال له فلان: جئتي بعبدي الآبق فقد اختلف أصحابنا هل يستحق عليه أجرة مثله بمجرد الأمر أم لا؟ على أربعة أوجه:
أحدها: وهو مذهب الشافعي أنه لا أجرة له سواء كان معروفة يأخذ الأجرة على ذلك أو لا لتردد الأمرين بين احتمال تطوع واستعجال.
والثاني: وهو مذهب المزني له أجرة المثل سواء كان معروفًا بذلك أو غير معروف لاستهلاك منافعه يأخذه.
والثالث: وهو مذهب ابن سريج إنه كان معروفًا بذلك فله أجرة المثل وإن كان غير معروف فلا أجرة له اعتبارًا.
والرابع: وهو مذهب أبي إسحاق المروزي أنه إن ابتدأه مالك العبد بالأمر فعليه أجرة المثل وإن استئذنه الجاني بالضالة فإذن له فلا أجرة له انتصارًا على حكم اسبق الحالين.
فصل: فلو اختلف مالك الضالة ومن ردها في الإذن فقال المالك: ردتها بغير إذن فأنت متطوع بغير أجر، وقال في ردها: بل ردتها عن أمرك بأجر فالقول قول المالك مع يمينه لبراءة ذمته، ولو اتفقنا على الإذن بالأجر في عين العبد المأذون برده وقد ردّ عليه عبده سالمًا وادعى الآخر نفيه، فقال المالك: بل فعلت ذلك ني عبدي غانم، فالقول قول: المالك مع يمينه ولا أجرة عليه؛ لأنه ينكر الإذن فيه وإن اعترف به في غيره.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله تعالي: "ولو قال لرجل إن جئتني بعبدي فلك كذا ولآخر مثل ذلك ولثالث مثل ذلك فجاؤوا به جميعًا فلكل واحد منهم ثلث ما جعله له اتفقت