والثاني: ينتزع المال منه مع المنبوذ لأن ماله تبع له والفرق بين المنبوذ وبين ماله أن لملتقط المنبوذ حق في كفالته وليس له حق في حفظ ماله وإنما الحق عليه في المال وله الكفالة فافترقا.
فصل: ثم الحاكم مندوب إلى الإشهاد على من أخذ المنبوذ وماله في يده كما كان مندوبًا إلى الإشهاد على من أخذ المنبوذ ماله في يد ملتقط المال فإن كان القيم بكفالة المنبوذ وحفظ ماله غير الملتقط له التسليم الحاكم له إلى من ارتضاه لأمانته عند حياة ملتقطه فالإشهاد عليه مستحب وليس بواجب لأن تسليم الحاكم إليه ذلك حكم يغني عن الإشهاد فإن كان هو الملتقط ففيه وفي اللقطة ثلاثة أوجه مضيا.
أحدها: أن الإشهاد واجب في اللقطة والمنبوذ.
والثاني: أنه غير واجب فيهما جميعًا.
والثالث: أنه واجب في المنبوذ وغير واجب في اللقطة لما ذكرنا من الفرق بينهما.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله تعالي: "ويأمره بالإنفاق منه عليه بالمعروف وما أخذ ثمنه الملتقط وأنفق منه بغير أمر الحاكم فهو ضامن".
قال في الحاوي: وهذا كما قال. إذا وجل مع اللقيط مال كانت نفقته في ماله كما يجب نفقة الطفل إذا كان له مال في ماله دون مال أبيه فإن تطوع الملتقط وأنفق عليه من مال نفسه كان محسنًا كالأب بالإنفاق على ولده الغنى وإن أراد الملتقط أن ينفق عليه من ماله لزمه استئذان الحاكم فيه سواء قيل إن للحاكم عليه نظر في اللقيط أو ليس له لأن للحاكم نظرًا في ماله لا يختلف فيه فإن أنفق يغير إذن لم يخل ماله من أحد أمرين: إما أن يكون قادرًا على استئذانه أو غير قادر فإن كان قادرًا على استئذانه كان ضامنًا لما أنفق قصدًا أو سرفًا لأن الحاكم هو الوالي على المال دونه وصار ذلك وإن وصل إلى مالكه كمن أخذ علف رجل أعده لدابته فأطعمها إياه ضمنها له وإن وصل إليه وإن لم يقدر على استئذان الحاكم ففي ضمانه وجهان.
كالجمال إذا هرب من مستأجره فاكترى لنفسه عند إعواز حاكم ليستأذنه أحد الوجهين أن يسترجع المستأجر ولا يضمن الملتقط لضرورتها والثاني لا يرجع المستأجر ويضمن الملتقط لأن لا يكونا حاكم أنفسهما ومن أصحابنا من فرق بين حرب الجمال وبين ملتقط المنبوذ فجعل للمستأجر أن يرجع الملتقط ضامنًا لأن المستأجر مضطر إلى استيفاء حقه وليس الملتقط مضطر إلى التقاطه وهذا الوجه له لأنه ربما وجده ضائعًا في