الكفالة لاستوائهما في الإسلام والحرية والأمانة فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يتنازعاه ويتشاحنا عليه، فمذهب الشافعي وعليه جمهور أصحابه أن الحاكم يقرع بينهما، لأنهما لما استويا ولم يكن أن يشترك بينهما كانت القرعة بينهما ليتميز بها الأحق من غير تهمة.
قال تعالى: {ومَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} آل عمران: 44 الآية ثم يتعين حق من قرع منهما في كفالته قان أراد رفع يده عنه كان له ولم يجبر على إمساكه ويتسلمه الحاكم منه وهل يصير شريكه أولى بكفالته من غيره أم لا على وجهين:
أحدهما: هو أولى به من غيره لاختصاصه بالتقاطه وإن تقدم الأخر بالقرعة.
والثاني: أنه قد بطلت كفالته لما قرعه صاحبه وصار غيره سواء فيجتهد الحاكم فيه رأيه فهذا حكم ما ذهب إليه الشافعي من الإقراع بينهما عند التنازع وسواء كان من خرج بالقرعة أنفع له إذا لم يكن الذي خرج قرعته مقصرًا أو كانا سواء، وقال أبو علي بن خيران لا قرعة بينهما عند التنازع ولكن يجتهد الحاكم فيهما رأيه فأيهما رآه أحظ له كان أولى بكفالته ولهذا القول وجه وإن خالف نعى الشافعي غير أن تساويهما يمنع من تغليب أحدهما إلا بالقرعة كالبنتين إذا تعارضتا.
فصل: والضرب الثاني: أن لا يتنازعا ويتفقا على تسليمه لأحدهما فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يسلمه قبل استقرار يده عليه فهذا يجوز لأن المسلم له بمثابة من رآه ولم يلتقطه ويصير المستلم أولى وكأنه التقطه وحده.
والثاني: أن تستقر أيديهما جميعًا عليه حتى يصير الملقوط معهما ثم يتسلمه أحدهما ففيه وجهان:
أحدهما: يجوز لأن الحق لهما وليس يتجاوزهما كالشقيقين إذا سلم أحدهما لصاحبه.
والثاني: لا يجوز لآن للملتقط حق الكفالة وليس له حق التسليم كما لو كان هو الواجد وحده لم يكن له تسليمه إلى غيره حتى يتولى الحاكم.
فصل: ولو التقطه رجل وامرأة كانا في كفالته سواء فيقترعان ولا تقدم المرأة كتقديم الأم على الأب في الحضانة لأن في الالتقاط ولاية إن لم يكن الرجل أحق لها لم يكن أنقص حضانة الأبوين.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله تعالي:" وإن كان أحدهما مقيمًا بالمصر والآخر من غير