قال في الحاوي: وهذا صحيح، وإذا التقطه رجلان: أحدهما قروي والآخر بدوي فالقروي أولى من البدوي، سواء وجداه في قرية أو بادية لأن القرية أمكن في التعليم وأبلغ في التأديب وأحسن في المنشأ وقد روى أبو حازم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من بدا جفا ومن اتبع الصيد غفل ومن اقترب من أبواب السلاطين افتتن".
معنى قوله من بدا جفا أي من سكن البادية صار فيه جفاء الأعراب وقوله من اتبع السيد غفل يريد من يشتغل به وينقطع إليه تصير فيه غفلة.
فصل: فإذا انفرد اليدوي بالتقاطه فعلى ضربين:
أحدهما: أن يجده في مصر أو قرية فلا حق له في كفالته، لأنه لا حظ له في نزول البادية لما ذكرناه.
والثاني: أن يجده في البادية فلا تخلو حاله من أحد أمرين:
أحدهما: أن يكون ممن يسكن حلة مقيمًا فيها ولا ينتجع عنها فهو مستحق لكفالته لأن وجوده في البادية يدل على أنه من أهلها. والحال الثانية: أن يكون ممن ينتجع ولا يلزم حلة ولا يقيم في مكان ففي استحقاقه لكفالته وجهان:
أحدهما: يستحق، لأن هذا هو الأغلب من حال البادية.
والثاني: أنه لا حق له فيها، لأن مداومة للنقلة وملازمة النجعة لا يشتهر بها حاله ولا يعرف معها مكانه مما يلحقه من المشقة في بدنه وتخير العادة في نقلته.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله تعالي:" وإن كان عبدًا أو حرًا دفع إلى الحر".
قال في الحاوي: وهذا صحيح إذا اجتمع على التقاطه حر وعبد فالحر أولى بكفالته من العيد لأمرين:
أحدهما: أن العبد مولى عليه فلم يصح أن يكون واليًا.
والثاني: أن العبد ممنوع من كفالته لخدمة سيده، فلو انفرد العبد بالتقاطه فإن كان بإذن سيده فالسيد هو الملتقط، لأن يد العبد يد له وهو المستحق لكفالته وإن كان بغير إذن سيده لم يجز بخلاف اللقطة في أحد القولين، لأن اللقطة كسب وهذه ولاية فلو أخذه السيد من عبده وقد التقطه بغير إذن فإن كان بعد رفعه إلى الحاكم فهو أولى، لأن يد العبد لما لم تكن مقرة لم يكن لها حكم وصار كأن السيد هو الملتقط له وهكذا حكم المدبر في التقاطه كالعبد وإما المكاتب فإن عللنا مع العبد منه بأنه من غير أهل الولاية فالمكاتب