بحكم الدار التي وجد فيها فهي ضربان: دار الإسلام ودار الشرك. فأما دار الإسلام فعلى ثلاثة أضرب:
أحدها: أن ينفرد المسلمون بها حتى لا يدخلها مشرك كالحرم فالمنبوذ إذا التقط في مثل هذه الدار محكوم بإسلامه في الظاهر والباطن لامتناع اجتماع الشرك الظاهر في أبويه.
والثاني: أن تكون دار الإسلام قد تخلطهم فيها أهل ذمة كالبصرة وبغداد أو معاهدون كأمصار الثغور فإذا التقط المنبوذ فيها كان مسلمًا في الظاهر دون الباطن وإنما حكمنا بإسلامه ظاهرًا تغليبًا لحكم الدار، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الإسلام يعلو ولا يعلى".ولم يحكم بإسلامه ني الباطن قطعًا لجواز أن يكون من ذمي أو معاهد.
والضرب الثالث: أن تكون دار الإسلام قد تنفرد أهل الذمة يسكناها حتى لا يساكنهم فيها مسلم ولا يدخلها مثل يلد من بلاد الشرك فتحه المسلمون صلحًا أو عنوة فأقروا أهله فيه على أن لا يخالطهم غيرهم فإذا التقط المنبوذ فيه كان كافرًا في الظاهر لأن أهل الدار كفار وإن كانت في يد المسلمين عليهم غالبة وأحكام الإسلام فيهم جارية وأما دار الشرك فعلى ثلاثة أضرب أيضًا:
أحدها: ما كان من بلادهم التي ليس فيها مسلم فإذا التقط المنبوذ منها جرى عليه حكم الشرك اعتبارًا بحكم الدار.
والثاني: ما كان من بلاد الشرك فيها مسلمون ولو واحد كبلاد الروم فإذا التقط المنبوذ فيها ففيه وجهان:
أحدهما: أنه مشرك في الظاهر اعتبارًا بحكم الدار.
والثاني: وهو قول أبي علي ين أبي هريرة والظاهر من كلام الشافعي أنه يكون مسلمًا في الظاهر تغليبًا لحكم الإسلام.
والثالث: كان من بلاد الإسلام التي غلب عليها المشركون حتى صارت دار شرك كطرسوس وأنطاكية وما جرى مجرى ذلك من الثغور والمملوكة على المسلمين فإذا التقط المنبوذ فيها نظر فإن كان فيها أحد المسلمين ولو واحدًا جرى على الملقوط فيها حكم الإسلام.
وإن لم يكن فيها أحد من المسلمين أجرى عليه حكم الشرك في الظاهر لبعد للمسلمين عنها وامتناع حكمهم فيها.
فصل: فإن أجرينا عليه حكم الإسلام فقد ذكرنا من أين ينفق عليه إذا كان فقيرًا وهو