مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: "وَلَوْ ادَّعَى اللََّقِيط رَجُلاَنِ فَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ منْهُمَا بَيَنَةً أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ جَعَلْتُهُ لِلَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ أَوَّلاٌ وَلَيْسَ هَذَا كَمِثْلِ المَالِ ".
قال في الحاوي: وصورتها في رجلين تنازعا كفالة اللقيط دون نسبه وادعى كل واحد منهما أنه التقطه دون صاحبه وأقام كل واحد بما ادعاه بينة والبينة هاهنا شاهدان لا غير، لأنها ليست على مال وإنما هي على استحقاق كفالة تثبت بها ولاية فإن شهدت إحدى البينتين لأحدهما بتقديم يده كان المقدم غليه أولاهما به، قال الشافعي وليس كالمال، لأن المتنازعين في المال إذا أوجبت بينتاهما تقدم يد أحدهما كان فيها قولان:
أحدهما: أن المتقدم إليه أولى كالمتنازعين في الكفالة.
والثاني: أنهما سواء ويقدم في الكفالة من تقدمت يده. والفرق بينهما أن المال قد يصح انتقاله بحق من يد إلى يد فجاز أن يستوي فيه اليد المتقدمة واليد المتأخرة والكفالة لا يصح انتقال اللقيط فيها بحق من يد إلى يد فوجب أن يحكم بها لمتقدم اليد، فإن تعارضت بينتاها أو أشكلتا لعدم المنازع ففيه قولان:
أحدهما: يقرع بينهما ويستحقه من فرع.
والثاني: يسقطان ويتحالفان حلفا أو نكلا فقد استويا وصارا كالملتقطين له معًا فيكون على ما مضى من الوجهين أحدهما يقرع بينهما ويستحقه من قرع منهما والثاني: يجتهد الحاكم في أحظها.
فصل: ولو ادعى أحد المتنازعين فيه أنه ولده وتفرد الآخر بادعاء الكفالة دون الولادة حكم به ولدًا لمدعي نسبه، لأنه غير منازع في نسب وصار أولى بكفالته، لأن الوالد أحق بالكفالة من الملتقط وهكذا لو استقرت يد الملتقط في الكفالة ثم رجاء رجل فادعاه ولدًا لحق به نزع من يد ملتقطه وصار من جعلناه أولى بكفالته.
مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: "وَدَعْوَةِ المُسْلِمِ وَالعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ سَوَاءٌ ".
قال في الحاوي: وهذا كما قال، إذا تداعى نسب اللقيط حر وعبد ومسلم وذمي فهما في دعوة النسب سواء تداعى كالحرين وكالمسلمين، وقال أبو حنيفة: يقدم الحر على العبد والمسلم على الكافر استدلالاً بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الإسلام يعلو ولا يعلى "فلم يجز أن يتكافأ المسلم والذمي في الدعوى قال: ولأنه لما أجري على اللقيط حكم