أحدهما: أن يلحق به ببينه تشهد بأنه ولد على فراشه فهذا تجري عليه أحكام الكفر تبعًا لبيه، لأن قيام البينة العادلة لولادته على فراشه تأصل عن حكم الأصل في ظاهر الدار.
والثاني: أن يلحق به بمجرد الدعوى من غير بينة ففيه قولان:
أحدهما: ينقل من حكم الإسلام إلى حكم الكفر، لأنه صار لاحقًا بكافر فصار الظاهر غير ذلك الظاهر.
والثاني: وهو اختيار المزني أنه يكون باقيًا على حكم الإسلام ولا ينقل عنه للحوقه بكافر، لأن حكم الدار أقوى من دعوى محتملة فعلى هذا إن خيف عليه من افتتانه بدين أبيه حيل بينه وبين أبيه وأخذ بنفقته حتى يبلغ فإن بلغ ووصف الإسلام تحقق حكمه فيه وإن وصف الكفر ومال إلى دين أبيه أرهب وخوف رجاء عوده فإن أبي إلا المقام على الكفر فبعدًا له ولا يصير بذلك مرتدًا ويقر على ما اختاره لنفسه من الكفر، لأن فعله أقوى حكمًا من غالب الدار.
فصل: فعلى هذا لو كان أبوه يهوديًا فقال وقد بلغ: لستُ يهوديًا ولا مسلمًا وإنما على غير اليهودية من الملل كالنصرانية والمجوسية ففيه وجهان:
أحدهما: يقبل منه ويقر عليه، لأن الكفر كله ملة واحدة.
والثاني: لا يقبل منه ما أراد الانتقال إليه من الكفر ولا يعاد إلى دين أبيه لإقراره بأنه ليس إلا على الإسلام فإن أباه صار مرتدًا.
فصل: وإذا لحق اللقيط بمدعيه عند عدم منازع من مسلم أو كافر فبلغ وأنكر نسبه وادعى نسبًا غير لم يقبل منه إلا ببينة تثبت بولادته على فراش غيره، لأن لحوق نسبه لم يراع فيه قبول الوالد فيؤثر فيه إنكاره وإنما يراعي ذلك منه في إدعاء نسبه بعد البلوغ فلذلك أثر فيه إنكاره بعد البلوغ.
فصل: فإذا ادعى العبد لقيطًا ولدًا فإن صدقه سيد في إدعائه لحق به وإن كذبه فيه ففي قبول دعواه وإلحاق نسبه به وجهان:
أحدهما: لا يقبل كما لا يقبل إقراره باب لما فيه من إزاحته عن الميراث بالولاء لمن أعتقه.
والثاني: يقبل منه، لأنه قد أدخله تحت ولايته بخلاف الأب وإذا لحق اللقيط بالعبد لم يصر بذلك عبدًا، لأنه في الرق تبعًا لأمه دون أبيه ولا يسمع قول العبد أنه من أمه، لأنه لا حق له في رقه وغنما يسمع ذلك من سيد أمة تدعيه ولدًا لها ليصير له بهذه الدعوى عبدًا فإن حضر من ادعى عليه هذه الدعوى كان على ما سنذكره في ادعاء رقه فلو كان العبد قد أعتق فادعى بعد عتقه ولدًا فإن أمكنه أن يكون مولودًا بعد عتقه لحق به صدق السيد أو كذب وإن لم تكن ولادته بعد عتقه ففي لحوقه به مع تكذيب السيد وجهان مضيا.